جمعه 10 فروردين 1403  
 

مقتل الامام الحسين (ع)

 
المقدمة
 

 مقتل الحسين (ع)

آية الله العظمى الشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء  "قدس سره"

 

  



بسم الله الرحمن الرحيم

[إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنْ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمْ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنْ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمْ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ] 

(صدق الله العلي العظيم)

بسم الله الرحمن الرحيم

المقدمة

هذا أثر رائع للإمام الراحل(كاشف الغطاء رحمه الله)لم ينشر من قبل و ما اكثر و أعظم ما خلفه الفقيد من تراث إسلامي و عربي ما يفخر به كل مسلم على مدى الأيام و العصور سواء كان مطبوعا أو مخطوطاً؛و الذي بعد لم ينشر هو اكثر مما نشر فهناك عدد كبير من الكتب الخطية الثمينة و مثلها من الرسائل العملية التي هي الأخرى لا تزال مخطوطة في مختلف العلوم و الدراسات في الفقه و الأصول و التفسير و التاريخ و الفلسفة و حتى في البيئة و الفلك و غيرها.

و إنا و إن كثرت معاذيري أشعر بالتقصير أو الإثم إزاء هذه الآثار الخالدة النافعة,و ذلك لعدم نشرها حتى ترتوي بها العقول,و تتهذب بها النفوس أرجو من العلي القدير التوفيق لنشر ما لم ينشر.

و قد كان الإمام الفقيد في أوقات فراغه من الدرس و التدريس و إجابة الفتاوى و المسائل الأخرى التي ترد إليه من مختلف الأقطار.و بعد قضاء حوائج المحتاجين و دفع المظالم و هي اعظم شيء لديه؛نعم كان رحمه الله يستوعب هذا الفراغ بالتأليف و المطالعة حتى آخر ساعة من عمره و قد ترك فعلا تلك المسائل و التآليف الجليلة؛و من جملة ما تركه S مجموعة كبيرة في وفيات بعض الأئمة (ع) مع نبذ من وجيز تاريخ حياتهم الشريفة كي تقرأ في مناسبات وفياتهم.و من جملة ما كتبه في مصرع سيد الشهداء الإمام الحسين صلوات الله عليه و قد رتب واقعة الطف على عشرة مجالس مختصرة لتقرأ في كل يوم من أيام العشرة الأولى من محرم الحرام في مشهد حافل بالناس في (الدار الكبيرة) حسب العادة في ذلك الحين – أي قبل ما يقرب من خمسين عاماً – و في يوم العاشر يقرأ هو بنفسه واقعة الطف و مصرع سيد الشهداء (ع) و قد كتب بذلك مقتلا أوسع من هذا المقتل و لم نعثر عليه كما ذكره في مقدمة المحفل.و من ثم اختصر هذا المقتل الذي بيد القارئ الكريم.

مميزات هذا المقتل

و لهذا المقتل ميزات و صفات قد لا توجد في غيره و ذلك ما أثبته بحسب تتبعه التاريخي من حقائق أغفلها الآخرون من أصحاب المقاتل كما انتهج S في هذا المقتل غير ما انتهجه المؤلفون لتلك المقاتل إذ حذف الزوائد المطولة كما حذف الرجز و غيره,و صفة أخرى هي قلمه و أسلوبه في التصوير و التحليل و لو جمع ما كتبه –  وخير ما كتبه S - عن ثورة سيد الشهداء (ع) من بيان جميع نواحيها و خصائصها و أسرارها المقدسة لجاء مجلداً ضخماً(1) و على كل فقد جاء هذا المقتل من خيرة المقاتل إن لم يكن أحسنها و اوجزها و أجملها لما فيه من أسلوب و بيان عرف به المؤلف,و إن كانت نهضة الحسين (ع) لا تحتاج إلى بيان و أسلوب لكونها هي بذاتها من أروع و اشرف و اعظم أساليب التضحية و المفاداة بالنفس و الأهل و المال و نكران الذات و الاستهانة بكل عزيز و عظيم,و من يا ترى يأتي على إسرار ثورة الحسين (ع) و يصفها فيحيط بها(يفنى الزمان و فيه ما لا يوصف)لذلك طبقت للعالم عظمتها و أدهشت العقول عظم تضحيتها ليس عند المسلمين فحسب بل عند عامة الامم و المذاهب و الشعوب من غير المسلمين من ذلك اليوم و إلى ما بعد يومنا هذا.كل ذلك في سبيل الحق و المبدأ و العقيدة و سحق الباطل و قمعه من جذوره,و مقاومة جميع ألوان الظلم ومحاربة الظالمين الطغاة الذين أظهروا الإسلام و أبطنوا الكفر و الغدر له,و والله ما دخل في قلوبهم القاسية و لا في عقولهم العفنة بصيص من نور الإسلام.نعم "ما اسلموا بل استسلموا"لذلك أرادوا محو الإسلام و إطفاء نوره [وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ]وقد تمثل الإسلام و الحق في الإمام الحسين و أصحاب الحسين (ع) كما تمثل الكفر و الغدر و الفسق و الظلم بيزيد و من والاه أمور المسلمين و مكنهم من رقابهم و كان أول توليه " الخلافة و إمرة المؤمنين " هو العمل بكل ما استطاع و أوتي من مكر و غدر لمحو معالم الإسلام و طمس آثاره و لم يكن هنالك شيء يتجلى به الإسلام بكل ما للكلمة من معنى غير الإمام الحسين بن علي (ع) سبط صاحب الرسالة محمد (ص) لما رأى (ع) من يزيد و آل أمية ما فيه محق للدين و تشويه لأصوله و معالمه ثار (ع) و كانت ثورته إحياءاً للدين و ترسيخا لدعائمه و حفظا لشريعة جده محمد (ص) من الضياع و التلاعب على يد أولئك الكفرة البغاة المجرمين و هكذا كانت نهضة أبي الضيم نبراساً و هدى للمسلمين فقد علمهم كيف يموتون و كيف يجاهدون الظالمين المستبدين و ان تلبسوا بلباس الإسلام و الدين,و الذين ما سلم الإسلام من دسائسهم و مكائدهم و ما دخلوا فيه إلا طمعاً و رهباً و رغباً منذ وفاة المنقذ الأعظم محمد (ص) - و ليومنا هذا – و سيبقى الإسلام حياً رغم خذلانه من معتنقيه حتى يظهر الله دينه و ينقذه على يد من يملؤها قسطاً و عدلاً بعدما ملئت ظلماً و جوراً,و ستبقى ثورة إمام الشهداء أبد الدهر شعلة و نوراً لا بل رمزاً للذين يجاهدون و يكافحون بشرف و صدق من أجل الدين و الحق و العدل و دفع الظلم و الاستبداد.

فصلوات الله عليك يا أبا عبد الله و سيد الشهداء و القديسين و على تلك النهضة الجبارة الخالدة.

النجف الاشرف                        محمد شريف آل كاشف الغطاء

                                   في 22ج1 سنة 1384هـ

                                                     

بسم الله الرحمن الرحيم

مجلس في اليوم العاشر من المحرم

اختصرناه من مقتل لنا صغير أوسع مما كتبناه هنا([2]):

عن الإمام العسكري (ع) في (تفسيره) المشهور ان الحسين (ع) قال لعسكره ليلة العاشر:انتم في حل من بيعتي فالحقوا بعشائركم و مواليكم,و قد أبحت لكم مفارقتي فإنكم لا تطيقونهم لتضاعف أعدادهم و قوادهم و ما المقصود غيري فدعوني و القوم فان الله يعينني و لا يخليني من حسن نظره كعادته في أسلافنا الطيبين.

قال الإمام (ع) :فأما عسكره ففارقوه و أما أهله الادنون من أقربائه و خاصته فأبوا ولازموه.فقال (ع) لهم:فإن كنتم وطنتم أنفسكم على ما وطنت عليه نفسي فاعلموا ان الله تعالى إنما يهب المنازل الشريفة لعباده باحتمال المكاره,و ان الله تعالى إن كان قد خصني مع من مضى من أهلي الذين أنا آخرهم بقاءاً في الدنيا من الكرامات بما يسهل علي معها إحتمال المكاره فان لكم شطر ذلك من كرامات الله و اعلموا ان الدنيا مرها و حلوها حلم و الانتباه في الآخرة و الفائز من فاز فيها و الشقي من شقي فيها.

أقوال الرواة في مقتل الإمام الحسين (ع)

قال السيد (قدس سره) :و بات الحسين (ع) و أصحابه تلك الليلة و لهم دوي كدوي النحل ما بين راكع و ساجد و قائم و قاعد فعبر عليهم في تلك الليلة من عسكر ابن سعد اثنان و ثلاثون رجلاً.ثم لما انشق أديم الليل عن صبحه كان مؤذن الحسين (ع) الحجاج بن مسروق الجعفي و لكنه (ع) قال لولده علي الأكبر (ع) يا بني قم أنت في هذا اليوم فأذن ثم تيمم هو و أصحابه (ع) فأدوا السنة و أقاموا الفرض جماعة. لما سلم الإمام (ع) رفع يديه بالدعاء و قال:اللهم أنت ثقتي في كل كرب,و رجائي في كل شدة إلى آخره.و قبل ان يتموا تعقيبهم ارتفعت أصوات الطبول و المزامير من عسكر أهل الكوفة و اقبلوا إلى ناحية معسكر الحسين (ع) يجولون عدة زرافات و وحدانا رجالة و فرسانا.فقام سيد أهل الابا و خامس أصحاب العبا فعبأ أصحابه و انتظمت الصفوف من الجانبين ميمنة و ميسرة.و قد اختلف في عدد أصحابه سلام الله عليه بين مكثر مفرط و مقل مفرط فاكثر ما قيل فيهم ما ذكره المسعودي في(مروجه):إنهم ألف فارس و مائة راجل,و اقل ما قيل انهم لا يزيدون عن اثني و سبعين.و لكن ورد النص المعتبر عن الإمام الباقر (ع) برواية السيد (قدس سره) انهم مائة راجل و خمسة و أربعون فارسا كما ان عدد أصحاب ابن سعد لعنه الله على رواية الصادق (ع) :ثلاثون ألفا,و قيل سبعون ألفا.

حفر الخندق و كان الإمام (ع) :أمر أن يحفر تلك الليلة خندق وراء الخيام و يلقى فيه الحطب و القصب و تشعل فيه النار كي لا يبقى للعدو مجال للاقتحام من وراء الخيام و يكون القتال من وجه واحد و لا يكون سبيل للهجوم على حرم الرسالة فان أنصار الله صفوا صفوفهم أمام البيوت المطهرة.و أقبل عسكر ابن سعد ليستديروا على معسكر الحسين (ع) و يحيطوا بهم,فلما رأوا النار تضطرم نادى شمر لعنه الله يا حسين تعجلت بالنار قبل يوم القيامة فقال (ع) يا بن راعية المعزى أنت أولى بها صلياً,و أخذ مسلم بن عوسجة سهما ليرميه به فقال له الحسين (ع) لا ترمه فاني اكره أن ابدأهم بقتال.و نادى ابن أبي جويرية المزني يا حسين ابشروا بالنار فقد تعجلتموها في الدنيا فقال الحسين (ع) :اللهم أذقه عذاب النار في الدنيا.فما مضى غير خطوات حتى حرنت به فرسه ثم نزت به و ألقته من فوق ظهرها و بقيت إحدى رجليه في الركاب و الأخرى مرفوعة.و مر الفرس يضرب برأسه الأرض حتى ألقته في الخندق و النار تضطرم فيه فكبر عسكر الحسين (ع) و نادوا يا لها من دعوة ما أسرع إجابتها فلتهنك الإجابة يا ابن رسول الله.

قال مروان بن وائل:كنت في عسكر عمر بن سعد فلما رأيت ذلك رجعت ناكصاً عن الحرب فقال لي ابن سعد مالك تركت القتال؟فقلت:أرايت من أهل هذا البيت ما لم تره عين و والله ما أنا بمقاتل أحداً منهم أبدا,قال تميم بن حصين الفزاري يا حسين و يا أصحاب حسين أما ترون ماء الفرات يلوح كبطون الحيات و الله لا ذقتم منه قطرة حتى تذوقوا الموت جرعا فقال الحسين (ع) :اللهم اقتل هذا عطشا في هذا اليوم فاشتد به العطش من ساعته و ذهب ليشرب فألقته الفرس تحت حوافر الخيل حتى هلك في لعنة الله.و قال له محمد بن الأشعث الكندي لعنه الله:يا حسين بن فاطمة أي حرمة لك من رسول الله ليست لغيرك؟فتلا [إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ].و إن محمداً لمن آل إبراهيم و العترة الهادية من آل محمد,ثم قال (ع) من السائل؟ فقيل له ابن الأشعث,فرفع يديه و قال اللهم اري بن الأشعث في هذا اليوم ذلا لا تعزه بعده فذهب يبول فسلط الله عليه عقربا فلسعته في دبره فولى يصيح و هو مكشوف العورة بين الجموع و لم تزل أمثال تلك الآيات الباهرة منه صلوات الله عليه في ذلك اليوم تترى و تشع كرامة و فخراً و لكن كانت قد حقت عليهم كلمة العذاب فلم ينتفعوا بعظة بالغة و لا بمعجزة دامغة.

خطبة الإمام الحسين (ع)الأولى

ثم ان الحسين (ع) بعد التئام الصفوف وجلهم سامعون وقوف,ركب راحلته و استنصتهم فانصتوا له,فنادى بأعلى صوته يا أهل العراق:اسمعوا قولي و لا تعجلوا حتى أعظكم بما يحق لكم علي و حتى اعذر فيكم فان أعطيتموني النصف من أنفسكم و إلا فاجمعوا أمركم ثم لا يكن أمركم عليكم غمة ثم اقضوا إلي و لا تنظرون إن ولي الله الذي نزل الكتاب و هو يتولى الصالحين.ثم قال,أما بعد:فانسبوني و انظروا من أنا ثم راجعوا أنفسكم و عاتبوها و انظروا هل يصلح لكم قتلي و انتهاك حرمتي ألست ابن بنت نبيكم و ابن وصيه و ابن عمه و أول مصدق به أو ليس حمزة سيد الشهداء عمي أو ليس جعفر الطيار في الجنحة بجناحين عمي.أو لم يبلغكم قول رسول الله (ص) لي و لأخي:هذان سيدا شباب أهل الجنة,فان صدقتموني فيما أقول و هو الحق,و الله ما تعمدت الكذب منذ علمت ان الله يمقت عليه أهله.و ان كذبتموني فان فيكم من سألتموه عن ذلك أخبركم,سلوا جابر بن عبد الله الأنصاري,و أبا سعيد الخدري و سهل بن سعد الساعدي,و زيد بن أرقم و انس بن مالك يخبروكم انهم سمعوا تلك المقالة من رسول الله لي و لأخي.اما في هذا حاجز لكم عن سفك دمي,ثم قال:فان كنتم تشكون في ذلك.افتشكون اني ابن بنت نبيكم و الله ما بين المشرق و المغرب ابن بنت نبي غيري فيكم و لا في غيركم.و يحكم اتطلبونني بقتيل منكم قتلته أو بمال استهلكته أو بقصاص جراحة؟فاخذوا لا يكلمونه,فنادى:يا شبث بن ربعي و يا حجار بن ابجر و يا قيس بن الأشعث و يا يزيد بن الحارث ألم تكتبوا إلي أن اقدم فقد أينعت الثمار و اخضر الجناب و انما تقدم على جند لك مجندة فقال ابن الأشعث ما ندري ما تقول و لكن أنزل على حكم من بني عمك فانهم لم يروك الا ما تحب.فقال له الحسين (ع) :لا و الله لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل و لا افر فرار العبيد نعم انه (ع) :أناخ راحلته و أمر عقبة بن سمعان ان يعقلها فعقلها.

و ذكر العلامة التستري رحمه الله:ان تلك الناقة بقيت معقولة حتى قتل الحسين (ع) فلم تزل تضرب برأسها الأرض حتى ماتت.

و ابن سمعان هذا هو الذي نقل عنه ابن الأثير انه قال:كنت ملازما لخدمة الحسين (ع) من حين خروجه من المدينة إلى مكة و من مكة إلى الكوفة و لم أفارقه إلى حين شهادته و سمعت محاوراته و كلماته و كتبه فوالذي نفسي بيده اني لم اسمع منه قد انه قال لأهل الكوفة أضع يدي في يد يزيد أو امضي إلى ثغر من ثغور المسلمين.نعم كان يقول حتى ارجع إلى المكان الذي جئت منه أو امضي في ارض الله الواسعة حتى أرى ما يكون من أمر الناس,و هم لم يجيبوه إلى شيء من الامرين.

ثم انه (ع) :دعا بفرس رسول الله (ص) المرتجر و ركبها و توجه نحو عسكر ابن سعد و بين يديه جماعة من أصحابه فيهم:برير بن خضير فلما قربوا منهم ناداهم برير يا قوم اتقوا الله فان ثقل محمد (ص) اصبح بين أظهركم.هؤلاء ذريته و عترته و حرمه فهاتوا ما عندكم و ما تريديون ان تصنعوا بهم,فقالوا:نري ان ناتي بهم الأمير عبيد الله بن زياد,فقال لهم:أفلا تقبلون ان يرجعوا إلى المكان الذي جاءوا منه,ويلكم يا أهل الكوفة:أنسيتم كتبكم و عهودكم التي أعطيتموها و أشهدتم الله عليها,ويلكم يا أهل الكوفة دعوتم أهل بيت نبيكم و زعمتم إنكم تقتلون أنفسكم دونهم حتى إذا أتوكم أسلمتموهم إلى ابن زياد و منعتموهم عن ماء الفرات بئس ما خلفتم نبيكم في عترته ما لكم لا سقاكم الله يوم القيامة فبئس القوم أنتم فقالوا اكفف يا برير فما ندري ما تقول؟فقال الحمد لله الذي زادني بصيرة فيكم اللهم أني أبرأ إليك من أفعال هؤلاء القوم اللهم القِ بأسهم بينهم حتى يلقوك و أنت عليهم غضبان.ثم دنا الحسين (ع) :و

الخطبة الثانية

خطب خطبته الثانية التي يقول في أولها:أنشدكم الله:هل تعرفونني من أنا؟قالوا:نعم أنت ابن بنت رسول الله وسبطه إلى آخرها.و كان آخر جوابه في هذه الخطبة و قد علمنا كل ذلك و نحن غير تاركيك أبا عبد الله حتى تذوق الموت عطشا.فلما سمع ذلك دمعت عيناه و ضرب على لحيته المقدسة و قال اشتد غضب الله على اليهود حين قالوا عزير ابن الله.و على النصارى إذ قالوا:المسيح ابن الله.و على المجوس إذ عبدوا النار دونه و اشتد غضبه على هذه العصابة التي اجتمعت على قتل ابن بنت نبيهم أما والله لا اجيبهم إلى شيء ممما يريدون حتى ألقى الله مخضبا بدمي.فلما أيس الحسين(ع) من نزوعهم عن بغيهم و رجوعهم عن غيهم.وطن نفسه على الشهادة و الفوز بتلك السعادة فأراد ان يعزي نساءه و أهل بيته قبل فوته.قالت زينب سلام الله عليها لما رجع الحسين (ع) من محاورته مع القوم جاء فدخل خيمتي و كنت خلف الخيمة فنادى أين زينب؟فقلت:لبيك فقال:احضري رقية و أم كلثوم و صفية و سكينة و فاطمة و باقي بنات رسول الله (ص) .

وصايا الإمام (ع) لزينب (عليها السلام)

فلما حضرن قلن:فديناك ما حاجتك؟قال:حاجتي أن أوصيكن إذا أنا قتلت فلا تشققن علي جيبا و لا تلطمن علي خداً.و لا تخمشن علي وجها.فقالت زينب:يا أخي هذا كلام من أيقن بالموت فقال لها نعم يا أختاه.فصاحت وا ثكلاه وا محمداه وا علياه وا ضعفاه وا غربتاه وا قل ناصراه,فقال لها (ع) :يا أختاه تعزي بعزاء الله فإن أهل الأرض يموتون.و سكان السماء لا يبقون.و لا يبقى إلا وجهه فلا يذهبن بحلمك الشيطان.فقالت:جعلت فداك ردنا إلى حرم جدنا فاختنق صلوات الله عليه بعبرته وقال )هيهات لو ترك القطا لغفا و نام )ثم رجع الحسين (ع) إلى الميدان فنظر إلى تلك الصحراء وقد غصت بجنود الشيطان كأنها السحاب المتراكم و قد اظلم الجو.و انسدت الأقطار بالغبار فتقدم الإمام و زهير بن القين أمامه فنادى أيها الناس:إن من حق المسلم على المسلم النصيحة و نحن و أنتم على دين واحد وقد ابتلانا الله بذرية نبينا لينظر ما نحن و انتم صانعون و أنا أدعوكم إلى نصره و خذلان الطغاة؟فقالوا نحن لا ندع صاحبك و اتباعه حتى يكونوا عرضة للسيوف أو يبايعون يزيد و ابن زياد.فقال ويحكم ان الحسين (ع) أولى بالنصرة و المودة من ابن هند و ابن سمية فإن كنتم غير ناصرية و لا مؤدين حق الله فيه فلا تعينوا على قتله.فاخذ الشمر سهما و رماه و قال قد أكثرت يازهير في كلامك فاخفف.ثم تقدم الحسين (ع) و خطب  خطبته الثالثة

الخطبة الثالثة

فقال:الحمد لله الذي خلق الدنيا فجعلها دار فناء و زوال متصرفة بأهلها حالا بعد حال فالمغرور من غرته و الشقي من فتنته فلا تغرنكم هذه الدنيا فانها تقطع رجاء من ركن اليها و تخيب طمع من طمع فيها و أراكم قد اجتمعتم على أمر قد أسخطتم الله فيه عليكم و اعرض بوجهه الكريم عنكم وأحل بكم نقمته و جنبكم رحمته فنعم الرب ربنا و بئس العبيد أنتم,أقررتم بالطاعة و آمنتم بالرسول ثم زحفتم إلى ذريته و عترته تريدون قتلهم قد استحوذ عليكم الشيطان فأنساكم ذكر الله العظيم فتبا لكم و لما تريدون إنا لله و إنا إليه راجعون.(هؤلاء قوم كفروا بعد إيمانهم فبعدا للقوم الظالمين).فخشي ابن سعد لعنه الله أن تقع الفتنة في عسكره و ترجع إلى الحق عزائمهم فقطع على الحسين (ع) كلامه و قال لهم هذا ابن أبي طالب أقسم بالله لو وقف فيكم سحابة يومه خطيبا ما كلَّ و لا انقطع.فتقدم شمر لعنه الله و قال ما تقول يا حسين أفهمنا ما تريد فقال (ع) :أقول اتقوا الله ربكم و لا تقتلوني فانه لا يحل لكم قتلي و انتهاك حرمتي و انا ابن بنت نبيكم.و كان (ع) في جميع خطبه يتدرج في اللين و الشدة من درجة إلى أخرى و من مرتبة إلى اشد منها و كل غرضه إتمام الحجة و قطع المعذرة و سوق من سبقت له العناية إلى جانبه.

و لما رأى ابن سعد,ان كلماته وخطبه (ع) كادت أن تلين لها الصخور نادى بعسكره فأحاط بالإمام (ع) و جعله في مثل الدائرة و أحدقت به الخيل و الأعين و اشرعت نحوه السيوف و الأسنة و أرادوا ان يناجزوه القتال فقال لهم:وليكم ما عليكم أن تنصتوا إلي و تسمعوا قولي و إنما أدعوكم إلى سبيل الرشاد فمن أطاعني كان من الفائزين و من عصاني كان من الهالكين فتلاوم العسكر ما بينهم و قال بعضهم لبعض ما عليكم ما سمعتم ما يقول.


 

الخطبة الرابعة

خطب (ع) خطبته الرابعة في ذلك اليوم و هي اشد خطبة في تقريعهم و بيان غدرهم و نفاقهم و كفرهم و مكرهم التي يقول في أولها:تبا لكم ايتها الجماعة وترحاً,أحين استصرختمونا والهين فاصرخناكم مرجفين,سللتم علينا سيفا كانت لنا في إيمانكم و حششتم علينا ناراً اقتدحناها على عدونا و عدوكم فأصبحتم البا لاعدائكم على أوليائكم بغير عدل أفشوه فيكم و لا أمل اصبح لكم فيهم,إلى أن قال:فسحقا لكم يا عبيد الأمة و شذاذ الأحزاب و نبذة الكتاب و محرفي الكلم و عصبة الآثام و نفثة الشيطان و مطفي السنن,ثم ختم خطبته هذه بالدعاء عليهم فقال:اللهم احبس عنهم قطر السماء و ابعث عليهم سني كسني يوسف و سلط عليهم غلام ثقيف يسقيهم كاساً مصبرة فانهم كذبونا و خذلونا و أنت ربنا عليك توكلنا و إليك أنبنا و إليك المصير.

محاورة الإمام (ع)مع عمر بن سعد

ثم دعا بعمر بن سعد لعنه الله فجاءه على كراهية منه فقال:يا عمر أنت تقتلني و تزعم أن يوليك الدعي ابن الدعي بلاد الري و جرجان و الله لا تهنأ بذلك أبدا عهداً معهودا فاصنع ما أنت صانع فانك لا تفرح بعدي بدنيا و لا آخرة و كأني برأسك على قصبة قد نصب في الكوفة يتراماه الصبيان.فصرف اللعين وجهه الخبيث عنه و قد امتلأ غيظا و غضبا ثم صاح بغلامه يا دريد ادن رايتك فأدناها ثم وضع سهما في كبد قوسه ثم رمى و قال:اشهدوا لي عند الأمير اني أول من رمى.ثم أقبلت السهام من تلك الجموع كأنها الليل قال العلامة التستري أعلى الله مقامه:قتل بهذه السهام التي انصبت كالمطر ما يقرب النصف من عسكر الحسين (ع) الواقفين في الميمنة و الميسرة و كانت كل تلك الخطب المتقدمة قبل الشروع في الحرب لا للأعذار و الإنذار و إتمام الحجة فقط و لا تفاديا من الحرب خوفا من الموت وركونا إلى حب الحياة معاذ الله و لكنه (ع) بما انه باب الوسيلة و مفتاح خزائن الرحمة و ينبوع مجاري النجاة لا جرم ان غرائز الحنان و الرحمة كانت تدفعه إلى مدافعة ذلك الخلف المتعوس عما حاولوه,وصمموا عليه من قتله الذي فيه هلاكهم المؤبد.و غير بعيد ان أكثر تلك الرقة و الاستعبار و الطلب و الإصرار في ان يتركوه و لا يقتلوه كان إشفاقا عليهم من ارتكاب تلك الجرائم الفظيعة التي ما ارتكب واحدة منها أشقى أمة من الأمم.و لعل هذا هو السر أيضا في تكرر الاستغاثة و طلب الناصر و المعين فانه ليس حريصا في البقيا على نفسه المقدسة بل البقيا عليهم و طلبا لنجاة بعضهم على الأقل بعد ان تعذر نجاة كلهم.فأول استغاثة صدرت منه استغاثته عندما رأى تصميم القوم على قتاله و عدم انتفاعهم بتلك المواعظ و الخطب فلما أقبلت السهام منهم كقطع الغمام و قتل من أصحابه من قتل نادى أما من مغيث يغيثنا.أما من ذاب يذب عنا فأثرت هذه الاستغاثة في ثلاثة نفر ممن سبقت لهم العناية و أدركتهم السعادة و هم الحر و ولده علي و أخوه مصعب فجاء الحر إلى ابن سعد و قال له:أمقاتل أنت هذا الرجل؟فقال:أي والله قتالا ايسره أن تطير الرؤوس و تطيح الأيدي.فقال:أما لكم في ما عرضه عليكم رأي؟فقال:لو كان الامر الي لفعلت و لكن أميرك قد أبى.فمضى الحر و وقف ناحية و أخذه مثل الافكل.و هذه هي الإنابة إلى الله و الهزّه الالهية,فقال له المهاجر بن اوس و الله ان أمرك لمريب.و لو قيل من أشجع أهل الكوفة لما عدوتك فما هذا الذي أرى منك؟فقال و الله اني أخير نفسي بين الجنة و النار و الله لا اختار على الجنة شيئاً.و لو قطعت و أحرقت,ثم التفت إلى ولده علي,و قال:يا بني لا صبر لي على النار فسر بنا إلى الحسين (ع) لننصره و نقاتل بين يديه لعل الله يرزقنا الشهادة و السعادة التي لا انقطاع لها.ثم ضرب فرسه و اقبل نحو عسكر الحسين (ع) واضعا يده على رأسه و هو يقول:اللهم إليك انبت فتب علي فقد أرعبت قلوب أوليائك.فلما قرب من الحسين (ع) وقف قريبا منه مطاطئاً رأسه فقال (ع) من أنت ارفع رأسك؟فرفع رأسه و قال سيدي انا صاحبك الذي حبسك عن الرجوع و جعجع بك في هذا المكان الموحش,و ما ظننت ان القوم يبلغون بك ما أرى و أنا تائب إلى الله فهل ترى لي من توبة؟

فقال:نعم يتوب الله عليك انزل فقال:أنا فارس خير لك مني راجلاً,ثم استقبل بوجهه عسكر ابن سعد وقال:يا أهل الكوفة لامكم الهبل و العير دعوتم هذا العبد الصالح حتى إذا جاءكم أسلمتموه و زعمتم انكم قاتلوا أنفسكم دونه ثم عدوتم عليه لتقتلوه أمسكتم بنفسه وأخذتم بكلكله و أحطتم به من كل جانب لتمنعوه التوجه إلى بلاد الله العريضة فصار كالأسير في أيديكم لا يملك لنفسه نفعا و لا يدفع عنها ضراً,و حلأتموه و نساءه و صبيته عن ماء الفرات الجاري تشربه اليهود و النصارى و المجوس و تمرغ فيه خنازير السواد و كلابه و ها هم قد صرعهم العطش بئسما خلفتم محمداً في ذريته فلا سقاكم الله يوم الضمأ فقطعوا كلامه برشق النبال و رمي النصال فرجع و وقف أمام الحسين (ع) ينتظر الرخصة و كانت الوجوه و القواد و الأعيان من عسكر ابن سعد لعنه الله متثاقلين عن المبارزة لأنهم اجمع ممن كتب إلى الحسين (ع) و ألح عليه بالتوجه و إعطاء البيعة لذا بقي الحال برهة من النهار على المصاف و الترامي بالنبال دون المكافحة و النزال ولكن أول من تقدم من عسكر ابن سعد يسار غلام زياد فطلب المبارزة فتقدم إليه عبد الله بن عمير الكلبي فسأله يسار عن نسبه فانتسب له فقال له يسار:لا اعرفك ارجع و ليبرز الي زهير بن القين أو حبيب بن مظاهر فان هؤلاء أقراني لا أنت.فقال له عبد الله:يا ابن الفاعلة أو بك رغبة من مبارزتي ثم شد عليه فضربه بسيفه حتى برد,و إنه لمشتغل بضربه إذ شد عليه سالم مولى زياد أيضا فصاحوا قد رهقك العبد فلم يشعر به حتى بدره بضربة اتقاها ابن عمير بكفه اليسرى فاطارت أصابعه ثم شد عليه حتى قتله و اقبل ابن عمير و قد قتلهما جميعا و هو يرتجز و يقول(ان تنكروني فأنا ابن الكلبي).

و عندها أتى الحر إلى الحسين (ع) و قال:يا ابن رسول الله اني حين خرجت من الكوفة مع عسكر هذا الطاغي سمعت مناديا ينادي من خلفي ابشر يا حر بخير فالتفت فلم أر أحدا و قلت والله ما هي ببشارة اخرج إلى حرب ابن رسول الله و ابشر بخير.و ألان علمت صواب ذلك القول.و لما كنت أول خارج عليك فاذن لي أكون أول شهيد بين يديك.

شهادة الحر

و الصحيح انه لم يكن قد قتل من أصحاب الحسين (ع) أحد نعم قد أصيب بالجراحات جماعة فاذن له الحسين (ع) فحمل حملة الليوث المغضبة فلم يحصر عدد من قتله الحر.أما ولده علي فقتل برواية أبي مخنف سبعين فارساً ثم استشهد فلما رآه أبوه الحر.قال الحمد لله الذي رزقك الشهادة و كان مصعب أخ الحر حينئذ في عسكر بن سعد فلما رأى حملات الحر و تكالب القوم عليه و شهادة ابن أخيه كر على الحر بفرسه فحسبوه قد حمل على أخيه ليقاتله فلما وصل إليه عانقه و بكى و جاء به إلى الحسين (ع) فتاب و أناب و رجع إلى الميدان فقاتل حتى قتل.و بقى الحر يدير رحى الحرب وحده و يحصد الرؤوس و يخمد النفوس حتى قتل في حملته الأخيرة ثمانين فارسا من أبطالهم فضج العسكر و صعب عليهم أمره فنادى ابن سعد بالرماة و النبالة فاحدقوا به من كل جانب حتى صار درعه كالقنفذ هنالك اتقدت نار الغيرة في كانون فؤاده و وقف وقفة المستميت فنزل عن فرسه و عقرها لانها لم تستطع الاقتحام من كثرة السهام و اخذ يكر عليهم راجلا إلى ان سقط على الأرض و به رمق فكر عليه أصحاب الحسين (ع) و احتملوه حتى القوه بين يدي الحسين (ع) فجعل الحسين يمسح الدم و التراب عن وجهه و هو يقول:ما أخطأت أمك إذ سمتك حرا.أنت الحر في الدنيا و الحر في الآخرة ثم استعبر (ع) .

و كان للحر غلام اسمه عروة تخلف في جيش ابن سعد.فلما رأى شهادة مولاه و ابنه و أخيه و تفانيهم في الحر أخذه مثل الجنون و الحيرة لا بل الإيمان و الغيرة فجعل يضارب و يقاتل في وسط عسكر ابن سعد.و قيل انه قتل من عن يمينه و يساره حتى أتى الحسين (ع) فاستأذنه فاذن له فقاتل حتى قتل.هنالك استعرت نار الحرب و ألقت بامراسها و عضت بأضراسها فتقدم برير بن خضير وكان سيد القراء و من اعبد أهل زمانه فاستأذن الحسين (ع) فاذن له فحمل كالليث الضاري و الصاعقة النازلة ففروا من بين يديه فجعل يناديهم اقتربوا مني يا قتلة المؤمنين اقتربوا مني يا قتلة أولاد النبيين فبرز إليه يزيد بن معقل فتباهلا أن يقتل الله المبطل منهما على يد المحق.فتجالدا و لم يلبث برير أن ضرب يزيد بالسيف على المغفر فقد المغفر و فلق هامته نصفين حتى سال دماغه و سقط إلى الأرض.فكبر العسكران.وحمل منقذ بن مرة العبدي فاعتنقا و تصارعا فصرعه برير و جلس على صدره و لم يكن معه سيف ليقتله فشد عليه من ورائه كعب(3) بن جابر فطعن بريرا في ظهره فلما أحس بحر السنان عض انف ابن منقذ فقطعه و قام عنه.فوجد كعب بن جابر فرصة فعلاه بالسيف ففاضت نفسه الطيبة و ولى ابن منقذ منهزماً.

بسالة وهب و استشهاده

قال ابن الأثير لما رجع ابن جابر لعنه الله إلى زوجته قالت له أعنت على ابن فاطمة و قتلت بريرا سيد القراء لا كلمتك بعدها أبدا.

ثم خرج وهب بن عبد الله الكلبي و كانت معه أمه و زوجته.و يظهر من ان في أصحاب الحسين (ع) رجل آخر يسمى وهب بن وهب و كان نصرانيا اسلم على يد الحسين (ع) في الطريق.و كانت أم وهب تحثه على القتال و تقول له قم يا بني فانصر ابن بنت رسول الله فاستأذن الحسين (ع) و انحدر إلى المعركة و قاتل حتى قتل جماعة و رجع إلى أمه.و قال:أرضيت يا أماه فقالت:لا أرضى حتى تقتل بين يدي أبي عبد الله.فرجع من فوره و قتل تسعة عشر فارسا و اثني عشر راجلا.

و في ناسخ التواريخ:انهم قطعوا يمينه فصار يقاتل بشماله فقطعوا شماله فأخذت زوجته عمودا من حديد و انحدرت إلى المعركة تقاتل فقال:الآن كنت تنهينني عن القتال و تقولين لي لا تفجعني بنفسك فما بدا لك؟فقالت سمعت من الحسين (ع) كلامات قطع نياط جناني و هد اركاني ورغبت معه عن الحياة.سمعته ينادي وا غربتاه وا قلة ناصراه وا وحدتاه.أما من مجير يجيرنا أما من ذاب يذب عنا.و سمعت أصوات نسائه قد ارتفعت بالبكاء في الخيمة و خرجت لأقتل معك و أنال السعادة.

يقول صاحب الناسخ:و لما لم تكن له يد ان عض بأسنانه على ثيابها ليرجعها إلى الخيمة فافلتت نفسها منه و عادت إلى الحرب فاستغاث وهب بالحسين (ع) فقال جزيتم من أهل بيت خيرا ارجعي إلى النساء بارك الله فيك فانه ليس عليكن قتال و لم يزل بها حتى أرجعها فوقفت تنظر ما يكون من زوجها حتى قتل فجاءت و جعلت تخضب شعرها بدمه و تمسح جبينها بنحره فأمر الشمر لعنه الله غلاما له يقال له رستم فضربها بعمود من حديد فصرعت إلى جنب زوجها رحمة الله عليهما.

قال:و هي أول امرأة قتلت في عسكر الحسين (ع) و يظهر من هذا انه قتل في عسكره (ع) عدة نساء.

و حمل جسد وهب إلى ابن سعد فجعل ينظر إليه و يقول ما اشد صولتك و أمر فقطع رأسه و رمى به إلى معسكر الحسين فآخذته أمه و جعلت تمسح الدم و التراب عنه و تقول الحمد لله الذي بيض وجهي بشهادتك بين يدي أبي عبد الله (ع) ثم قالت:الحكم لله يا أمة السوء.ان النصارى في كنائسها و اليهود في بيعها لخير منكم,ثم رمت برأس ولدها عسكر ابن سعد.

يقول صاحب الناسخ:فمن عجيب الاتفاق انه أصاب صدر قاتل وهب فقتله.ثم أخذت عمود خيمة و توجهت إلى المعركة فقتلت نفرين و جاء الحسين (ع) وردها إلى الخيمة.

صولات مسلم بن عوسجة و استشهاده

و برز مسلم بن عوسجة و نافع[4] بن هلال فلم يبرز إليهم رجل إلا قتلوه.فنادى عمر بن الحجاج بأصحابه يا حمقاء أتدرون من تقاتلون هؤلاء شجعان العصر و فرسان المصر انهم قوم مستميتون فلا يبرز إليهم منكم أحد و انهم لقليل وقليل ما يبقون و الله لو لم ترموهم الا بالحجارة لقتلتموهم,فقال ابن سعد الرأي ما رأيت.ثم دنا ابن الحجاج إلى صف السعداء بأصحابه الأشقياء و هو يحرضهم على الصبر و رشق النبل و يقول لهم لا تخرجوا عن طاعة إمامكم و لا تفرقوا الحوزة المجتمعة و لا يكن خروج هذه الشرذمة القليلة عن الدين و عصيانهم للإمام (ع) يدخل بالشك عليكم.فقال له الحسين (ع) يا ابن الحجاج أعلي تحرض الناس و أنا الخارج عن الدين زعمت و أنت الثابت عليه.أقسم بالله لتعلمن من المارق من الدين إذا انتزع ملك الموت نفسك ثم حمل ابن الحجاج بالميمنة من جانب الفرات على أصحاب الحسين(ع) فاقتتلوا ساعة ثم انجلت الغبرة و إذا بمسلم بن عوسجة صريع في المعركة.فجاء الحسين(ع) و حبيب و جلسوا عنده و تكلموا بما هو معروف و صرخت جارية مسلم وا سيداه يا ابن عوسجتاه,فعلم أصحاب ابن سعد انهم قتلوا مسلماً فتباشروا.فقال شبث بن ربعي لعنه الله ثكلتكم أمهاتكم تقتلون أنفسكم بأيديكم و تفرحون لذلك أو يفرح مسلم بقتل مسلم اقسم لقد رأيت له مع جيوش المسلمين في حروب المشركين مواقف عظيمة و مقامات كريمة.

ثم حمل الشمر لعنه الله بالميسرة على أصحاب الحسين (ع) فثبتوا رضوان الله عليهم و قاتلوا بقلب ثابت و جأش رابط و هم مع ذلك لم يكونوا بأكثر من اثنين و ثلاثين فارساً.و قد ذكرهم أرباب المقاتل بهذه العبارة:قالوا فلا يحملون على جانب من خيل الكوفة إلا كشفوه.

و أرسل عروة بن قيس و كان أميرا على فرسان أهل الكوفة إلى ابن سعد يقول:أما ترى إلى ما تلقى خيلي من هذه العدة اليسيرة ابعث إليهم الرجالة و الرماة.فقال ابن سعد لشبث و كان أميرا على الرماة ألا تذهب إليهم و تكفينا أمرهم.فأظهر شبث الكراهية و لم تزل آثار كراهية القتال ظاهرة عليه.فقال سبحان الله أكبر قبائل مضر و شيخ كافة أهل الكوفة ألم تجد في جملة هذه الشجعان و مشاهير الفرسان و سائر الرماة و النبالة أشجع و لا أقوى مني فعندها نادى ابن سعد الحصين ابن نمير و انتخب له خمسمائة من الرماة فرموا أصحاب الحسين (ع) فثبوا لرشق النبال و شق النصال و قد تتابعت كالقطر و المطر فما مضى غير قليل إلا و حمل أصحاب الحسين عليهم حملة الليوث الضواري و فرقوهم تفريق الجراد المنتشر.

قال ابن الأثير:إن أشد قتال أوجده الله في العالم ما برز من أصحاب الحسين(ع) في نفس ذلك اليوم,و كان (ع) أمر أن تجعل بيوته و خيامه و خيام أصحابه كلها بعض إلى بعض حتى يصير كشيء واحد و أن تجعل خلف ظهورهم و عن أيمانهم و شمائلهم و يستقبلون القوم بوجه واحد,فلما رأى ابن سعد ما أعياه من صبرهم و ثباتهم و شجاعتهم أراد أن يأتيهم من ورائهم و يحيط بهم من جميع جوانبهم فامر ابن سعد ان تقوض الخيام و تقطع الإطناب,فأمر الحسين (ع) بعض أصحابه فوقف بين الإطناب يدافع عن الخيام فإذا دنا الفارس عقر فرسه و إذا ابعد شك بالنبل فؤاده,لذا أمر ابن سعد أن تحرق الخيام على من فيها من ودائع النبوة لينفتح لهم طريق العبور إلى أصحاب الحسين (ع) من خلفهم فقال (ع) لا ضير عليكم من إطراقها فإنها تكون خندقا بينكم و بينهم تمنعهم الوصول إليكم,ثم ان أصحاب النار احرقوا جملة من الخيام التي على اليمين و اليسار و لم يمكنهم العبور كما قال الإمام.

و جاء شمر لعنه الله مع عدة من زبائنته فوقف على فسطاط الحسين و هو مضروب السرادق على حرم الرسالة و كبرياء العصمة و مخدرات العزة فقال علي بالنار لاحرقه على من فيه فخرجت الجواري و هن صوائح فقال الإمام (ع) للشمر أنت تحرق بيتي على أهلي أحرقك الله بالنار فمنعه حميد بن مسلم فلم يمتنع و ما انفك يطلب النار حتى جاءه شبث بن ربعي فصرفه عن ذلك ثم إن الإمام (ع) صلى صلاة الزوال بأصحابه صلاة الخوف و تقدم سعيد بن عبد الله الحنفي و جعل بدنه وقاية للإمام (ع) وقف يقيه بنفسه ما زال و لا تخلى حتى سقط على الأرض و هو يقول اللهم العنهم لعن عاد و ثمود اللهم ابلغ نبيك عني السلام و ابلغه ما لقيت من الجراح ثم قضى رضوان الله عليه,و الذين جعلوا أنفسهم للحسين وقاية و مجناً جماعة من أصحابه منهم حنظلة ابن سعد الشباني و عمر بن قرضة الأنصاري فكان لا يأتي الحسين (ع) سهم إلاّ اتقاه و لا سيف إلاّ تلقاه فلم يكن يصل إلى الحسين (ع) سوء حتى اثخن بالجراح فالتفت إلى الحسين (ع) و قال أوفيت يا ابن رسول الله؟فقال نعم أنت أمامي في الجنة فاقرأ جدي السلام و اعلمه اني بالأثر.

و الغرض انه قد ظهرت في ذلك اليوم من تلك الليوث الضواري و البدور السواري شجاعة خارقة و جلادة صادقة و قد اثر عن ثقاة المحدثين ان شجاعة تلك الفئة القليلة و بسالتهم في ذلك الموقف قد أدهشت عقول ذوي المعرفة وفاقت حد النعت و الصفة حتى ان زهير بن القين (قدس سره) ما سقط و لا قتل حتى قتل منهم مائة و عشرين فارساً،و حبيب بن مظاهر اثنين و ستين من أبطالهم،و كان نافع بن هلال كتب اسمه على افواق سهامه و سقى نصاله السم فقتل بسهم واحد اثني عشر رجلا و لما خلت كنانته من السهام قاتل بسيفه حتى تكسرت عضداه واخذ أسيراً إلى ابن سعد فقتله الشمر صبرا.

قال ابن الأثير:ان أبا الشعثاء الكندي المعروف بيزيد بن زياد جثا بين يدي الإمام(ع) على ركبتيه ورمى مائة سهم فأصاب مائة رجل ما اخطأ سوى أربعة.

موقف عابس و استشهاده

قال ربيع بن تميم:لما دخل المعركة عابس بن شبيب الشاكري و كنت اعرفه في الحروب بأنه أشجع فارس ناديت هذا أسد الأسود هذا ابن شبيب فلا يبرزن إليه أحد فوقف يطلب المبارز و ينادي ألا رجل فلا يجاب و قد أحجم ذلك الجمع الغفير كلهم عنه فنادى ابن سعد ويحكم ارضخوه بالحجارة فأحاطوا به و جعلوا يرضخونه بالصخور فلما رأى عابس رضوان الله عليه ذلك نزع درعه ومغفره و ألقاهما وشد عليهم شدة الصقر على الرخم فاقسم بالله لقد رأيته يطرد اكثر من مائتين ثم رأيت رأسه بعد ذلك بين جماعة كل يقول انا قتلته فقال لهم ابن سعد:لا تختصموا فان عابس لم يكن ليقتله رجل واحد بل كل العسكر قتله,ثم تقدم شوذب مولى شاكر فقال:يا أبا عبد الله أما والله لا أمسى على وجه الأرض قريب و لا بعيد أعز علي و لا أحب إلي منك و لو قدرت أن ادفع الضيم عنك أو القتل بشيء أعز من نفسي و روحي لفعلت,السلام عليك يا أبا عبد الله أشهد الله إني على هداك و هدى أبيك ثم استأذن و برز فقاتل حتى قتل و على مثل هذا جلهم بل كلهم,ففي بعض الأخبار أن حبيب ابن مظاهر أحد السبعين الذين لاقوا جبال الحديد و استقبلوا السيوف و الرماح بوجوههم و صدورهم و الأموال تبذل لهم و الأمن يعرض عليهم و البلاء المحدق بهم و بأهاليهم و هم يمتنعون أشد الامتناع و يقولون لا عذر لنا عند رسول الله (ص) أن يصل إلى الحسين سوء و فينا عين تطرق و لم يزالوا يبرز إلى الحرب واحد بعد واحد حتى قتلوا جميعاً.

و لم يبق مع الحسين (ع) سوى لحمته من أولاده و خاصة أهل بيته فاجتمعوا و جعل يودع بعضهم بعضا و يبكون فقيل أول من تقدم من بني هاشم بنو عقيل بدأهم بذلك عبد الله بن مسلم ثم أخوه محمد ثم عمه جعفر بن عقيل ثم أولاد جعفر بن أبي طالب ثم أولاد الحسين (ع) ثم أولاد أمير المؤمنين و هم يناهزون العشرة,و لكن الأصح إن أول من تقدم من بني هاشم علي الأكبر (ع) كما في نص زيارة الناحية السلام عليك يا أول قتيل من نسل خير سليل من نسل إبراهيم الخليل.

دور بني هاشم في المعركة

و على الجملة:فبعد شهادة أنصار الحسين (ع) تقدم إلى مكافحة الأهوال و مناطحة الابطال أولاده و أولاد عمه جعفر و عقيل و أولاد اخوته فأبدوا من الشهامة و الكرامة و البراعة و الشجاعة و البسالة و النجدة ما ادهش العقول و الألباب و فاق حد العجب و الإعجاب كما هو مقتضى شرف عنصرهم و نفاسة جوهرهم و قداسة ذواتهم و جدوا و اجتهدوا في إعلاء كلمة الله و مواساة ولي الله.

و ان الأولى بالطف من آل هاشم

 

 

تأسوا فسنوا للكرام التأسيا

 

دور علي الأكبر (ع)

  أما علي الأكبر:فقد قال أرباب المقاتل:انه لم يزل يقاتل حتى ضج العسكر من كثرة القتلى و لذا لما صرع بضربة منقذ بن مرة العبدي و حمله الفرس إلى معسكر الأعداء قطعوه بسيوفهم إرباً إرباً.

دور العباس (ع)

و أما العباس:فناهيك من شجاعته أنه كان حامل لواء الحسين (ع) .و هذا اللواء حمل مع السبايا و الصفايا إلى يزيد لعنه الله فلما نشره لم يجد فيه موضعا سالما من رشق السهام وطعن الرماح و ضرب السيوف.سوى موضع قبضة كف العباس.فلما نظر إليه بهذه الصفة أخذه العجب و جعل يقوم و يقعد و يقول أبيت أللعن أبا الفضل هكذا يصنع الأخ لأخيه.و اعظم من ذلك قول بني أسد إن على المسناة بطلا كلما حملنا منه جانباً سقط الآخر.و لم يختص ذلك برجالهم و أبطالهم بل ما بدا من غلمانهم و أبطالهم أدهى و أدهش فهذا القاسم بن الحسن و هو غلام لم يبلغ الحلم.

دور القاسم (ع)

قال أرباب المقاتل:لما نظر إليه الحسين (ع) قد برز اعتنقه و جعلا يبكيان حتى غشي عليهما فلما افاقا استأذن عمه فأبى ان يأذن له فلم يزل يقبل يديه ورجليه و يبكي حتى أذن له فأنحدر إلى الميدان و دموعه تسيل على خديه و هو يقول:

إن تنكروني فأنا نجل الحسن

 

 

هذا حسين كالأسير المرتهن

 

و كان جبينه كالكوكب الدري.و وجهه كفلقة القمر.قالوا:فقاتل قتالا شديدا حتى قتل على صغر سنه إثنين و ثلاثين فارساً.و قيل سبعين.

و في الناسخ:إنهم وجهوا لمبارزته فارساً يعد بألف فما لبث القاسم أن قسمه نصفين.

برز هذا الغلام و هو على أبهته و وقاره و شارته و شعاره.عليه رداءان و في رجليه نعلان يتهادى إلى منيته كأنه يزف إلى حجلته.ثم لما إنقطع شسع نعله و هو بين الأسنة و السيوف كالبدر في هالته.وقف يشد شسع نعله غير مبالٍ و لا مكترث كأن نقيبته الزكية و جنانه الثابت أبى له أن يمشي في ميدان البسالة و الإقدام حافي الاقدام فبينما هو منحنٍ يشد نعله إذ شد عليه عمر بن سعد الأزدي لعنه الله فضربه بالسيف على أم رأسه و وقع لوجهه و نادى ياعماه فانقض عليه كالصقر و شد على الصفوف شدة الليث في الحرب و ضرب عمراً قاتله بالسيف فاتقاه بيده فاطنها من المرفق فصاح صيحة سمعها العسكر و حملة خيل أهل الكوفة ليستنقذوه فاستقبلته بصدورها و وطأته بحوافرها حتى هلك فانجلت الغبرة و إذا بالحسين قائم على رأس الغلام و هو يفحص برجليه.و الحسين (ع) يقول:يعز والله على عمك أن تدعوه فلا يجيبك أو يجيبك فلا يعينك(فلا يغني عنك)هذا و الله يوم كثر واتره و قل ناصره ثم احتمله و قد وضع صدره على صدره فجاء به و ألقاه بين القتلى من أهل بيته.

هذه حال أطفالهم و تلك حال أبطالهم فعلى مثله فليبك الباكون و ليندب النادبون.


 


(1) و من شاء أن يعرف ما كتبه الحجة الفقيد عن الإمام الحسين (ع) فليراجع كتاب (جنة المؤى) و (السياسة الحسينية) (و الأرض و التربة الحسينية) و غير ذلك.

[2] و قد سألنا ولده الشيخ محمد شريف حرسه الله عن هذا المقتل الذي يشير إليه المرحوم فاجاب ليس موجوداً عندي و لعل الله يمكننا من الحصول عليه لطبعه أيضاً .                                 الناشر

 (3) كعب بن جابر الازدي لعنه الله قال:بعد أن قتل سيد القراء برير بن خضير (رض الله عنه) حيث طعنه بالرمح في ظهره و استخلص رضى بن منقذ العبدي منه.بعد ان قطع برير انفه.قال:كعب لعنه الله:

سلي تخبري عني و أنت ذميمة
الم آت اقصى ما كرهت و لم يخل
معي يزني لم تخنه كعوبه
فجردته في عصبة ليس دينهم بديني
و لم تر عيني مثلهم في زمانهم
أشد قراعا بالسيوف لدى الوغى
وقد صبروا للطعن و الضرب حسراً
فابلغ عبيد الله أما لقيته
قتلت بريرا ثم حملت نعمة
 

 

غداة حسين و الرماح شوارع
على هداة الروع ما انا صانع
و أبيض مخشوف الغرارين قاطع
و اني لابن حرب لتابع
و لا قبلهم في الناس إذ أنا يافع
الا كل من يحمي الذمار مقارع
وقد نازلوا لو ان ذلك نافع
بأني مطيع للخليفة سامع
أبا منقذ لما دعا من يمانع

 

  فبلغت ابياته ابن منقذ فرد عليه.بقوله:

فلو شاء ربي ما شهدت قتالهم
لقد كان ذاك اليوم عارا و سبة
فيا ليتني قد مت من قبل قتله

 

 

و لا جعلت النعماء عند ابن جابر
تعيره الابناء بعد المعاشر
و يوم حسين كنت ضمن المقابر

 

 

[4] قال أبو مخنف:كتب نافع ابن هلال اسمه على افواق نبله فجعل يرمي بها مسمومة.و هو يقول:

أرمي بها معلمة افواقها
ليملأن أرضها رشاقها
فلو وقفت صم الجبال مكانهم
 فمن قائم يستعرض النبل وجهه

 

 

مسمومة تجري بها اخفاقها
و النفس لا ينفعها اشفاقها
لمادت على سهل ودكت على وعر
و من مقدم يرمي الاسنة بالصدر

 


 

 
امتیاز دهی
 
 

 
خانه | بازگشت | حريم خصوصي كاربران |
Guest (PortalGuest)

دبيرخانه كنفرانس‌هاي بين‌المللي
مجری سایت : شرکت سیگما