الجمعة, رمضان 19, 1445  
 
تثيت قبل الحكم

 

 

مجله رسالة الاسلام  -  بهار 1328 - شماره 1- از صفحه 22 تا 25

 

 

 

التثبت قبل الحكم

 

 محمد الحسين آل كاشف الغطاء

 

 

كتب إلينا حضرة صاحب السماحة العلامة الأكبر الشيخ محمد الحسين آل كشف الغطاء تعليقا علي ما نشر في العدد الماضي من «رسالة الإسلام» تحت عنوان «من ذخائر الفكر الإسلامي» و هو رسالة لنجم الدين الطوفي من علماء القرآن الثامن الهجري، يري فيها تقديم المصلحة علي انص في المعاملات.

قال فضيلة العلامة الجليل حفظه الله: «من الازم التنبيه علي أمر لعل له مقاما من الأهمية يتصل بما نشرته الرسالة من البحث الأصولي عن نجم الدين الطوفي تحت عنوان «المصلحة في الشريعة الإسلامية» و أن المصلحة أذا خالفت النصي الاجماع تقدم عليهما في المعاملات، فهو و أن عرف المصلحة بما فيه النفع و الفائده كالتجارة المؤدية إلي الربح، و السبب المؤدي إلي مقصود الشارع، لكنه لم يبين أيكون المدار علي مصلحة الفرد، أم الجماعة، أم المجتمع؟ كما أنه لم يذكر المراد بالنص، و ما ضابط الاجماع، و الذي نتذكره أن الاصوليين قسموا الكالم أي الجملة من حيث الدلالة إلي ثلاثة أنواع: (نص) و هو مالا يحتمل خلاف مدلوله مثل قوله تعالي : «إن الله علي كل شيء قدير» و قوله تعالي : «و إن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن و قد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم» و كثير من أمثالها و (ظاهر) و هو ما يحتمل خلاف مدلوله، ولكن احتمالا مرجوحا. و (مجمل) و هو ما يتساوي فيه الاحتمالات، أو ما لا يعرف مدلوله أصلا كحروف أوائل السور و نحوها، فاذا كان النصل لا يحتمل الخلاف و الاجماع يفيد القطع بالحكم فكيف تقدم المصلحة عليهما؟ نعم يمكن أن تقدم علي الظاهر ولكن لا يمكن التحويل علي هذه القاعدة (تقديم المصلحة علي الظاهر) علي إطلاقها و إرسالها، ففيها توسع غريب، أدهي من توسع بعضهم في القول بالمضالح المرسلة، و ربما جر

ذلك إلي الهرج و المرج، و الفوضي في أحكام الشريعة الإسلامية، و التلاعب حسب الأهواء، فيتسني للفقيه علي هذا أن يحكم بحلِّية الربا مثلاً، لأن فيه مصلحه، و الفائدة و المصلحة تعارض النص و تقدم عليه في المعاملات، إلي كثير من أمثال هذا، و هل ذلك إلا لفوضي و التلاعب بأحكام الشريعة؟ نعم يمكن العمل بالمصلحة حيث لا دليل لفظي من نص أو ظاهر، و يرجع ذلك إلي حكم العقل و القياس، فإن الأدلة الشرعية عندنا أربعة: الكتاب و السنة و الاجماع و العقل. وهنا مباحث واسعة، و تحقيقات عميقة و دقيقة لا مجال للخوض فيها في هذه الكلمة العابرة، و مهما يكن من شيء، فنحن لا نحاول الحجر علي العلماء الأعلام من أعضاء جمعية التقريب، ولا إلزامهم بألا يذكروا في رسالتهم مالعله يمس جوهر التشريع الإسلامي، ولكن الجدير بهم ـ بل الازام ـ أنهم إذا نشروا شيئا من هذا القبيل يعلقون عليه، و يعدلون ميله، و يكبحون جماحه و ترفه، و لعل في مراجعة مؤلفنا «تحرير المجلة» و هو عدة أجزاء من يوضح شيئا من هذا الموضوع، أو ناحية منه، و بالله المستعان و منه التوفيق؟

رسالة الاسْلام

تشكّر فضيلة الشيخ الموقر علي هذه الغيرة الأصيلة التي تمتليء بها نفسه علي الشريعة الغراء، و تطمئنه علي أن الغرض من نشر أمثال هذه الرسالة، هو بيان ما امتاز به أفق المفكرين المسلمين من سعة في التفكير، وسعة في التقبل، لم يؤد أحدهما إلي تشاحن أو تباغض أو ترام بالنهم، فاذا كان الأمر وصل إلي هذا الحد فيما حفظه التاريخ للسالفين من تراث، فأجدر. للاحقين ألا يعولوا علي الخلافات الفكرية تعويلا يقطع الأواصر، و يحل الخناصر.

أما رأي الطوفي أو رأي سواه في شيء بذاته، فإنه رأي خاضع للبحث و النظر، و أن يتلقاه العلماء بما يرون من تأييد أو نقض، عمادُهما البرهان و الحجة، «فأما الزبد فيذهب جفاء، و أما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض».

و إن صفحات «رسالة الإسلام» لمعرض آراء و مجلي درس و تبيان.

و الشيخ الأجل وافر الشكر، و خالص الدعا: أطال الله في حياته، و نفع المسلمين بعلمه و بركاته؟

 


لينك به پايگاه مجلات تخصصي

 
امتیاز دهی
 
 

 
Guest (PortalGuest)

دبيرخانه كنفرانس‌هاي بين‌المللي
Powered By : Sigma ITID