السبت, شوال 11, 1445  
 
كاشف الغطاء و فعاليت هاي فرهنگي
    تعد أسرة آل كاشف الغطاء أول رافد نهل منه الشيخ ثقافته، فهي الأسرة التي تسلسل فيها العلماء والأدباء منذ قرنين من الزمان, وكان لها الحضور المتميز في حياة العراق الثقافية والاجتماعية والسياسية([1]).
والرافد الثاني مدارس النجف الدينية ومساجدها الكثيرة, التي كانت من أكبر المحافل العلمية والأدبية في ذلك الوقت. نهل منها الشيخ مختلف علومه ومعارفه، فضلاً عن ما كانت ترفده منه مكتبة والده الشيخ علي كاشف الغطاء من معارف وآداب، لما كانت تحتويه من آلاف الكتب والمخطوطات والنوادر التي قل نظيرها في العالم الإسلامي([2]).
وقد كان لبيئة النجف الثقافية ومجالسها الأدبية الأثر المهم في نشر الثقافة والمعرفة فقد كانت تشبه «أسواق العرب في الجاهلية والإسلام تلك الأسواق التي أثمرت فناً بديعاً له قواعده وأصوله وكتبه ورجاله»([3]).
واشتهرت العديد من تلك المجالس الأدبية في ذلك الوقت وكان لها الأثر الفاعل في الكثير من المناظرات الأدبية والمساجلات الشعرية التي تركت بصماتها الواضحة في الحفاظ على التراث العربي والمشاركة في إحيائه من جديد بعد أن ألقت عصور الانحطاط والتخلف أغلالها الثقيلة عليه([4]).
وما (معركة الخميس) الأدبية إلا شاهد من تلك الشواهد التي استمرت أياماً عدة وشغلت الأدباء أياماً أكثر لما دار فيها من خصومات ومساجلات أشترك فيها كبار شعراء وأدباء ذلك العصر([5]).
فقد كانت النجف في ذلك الحين أشبه ما تكون بمحفل أدبي ضخم تجود فيه قرائح الأدباء والشعراء, حتى أنك لا تمر على دار من دورها ولا محفل من محافلها إلا وتسمع أصوات المذاكرة بالمسائل العلمية, أو ترى حلقات العلم والأدب منتشرة في كل مكان([6]).
وكذلك كانت بعض المناسبات العامة والأحداث المهمة تحفز الشعراء لقول الشعر والقاء القصائد. امثال قيام الدستور العثماني عام 1908م. أو غزو ايطاليا لطرابلس عام 1912م. أو قيام الحرب العالمية الأولى عام 1914م. وذكرى استشهاد الإمام الحسينu في كل عام. وبعض الوفيات والمواليد والمناسبات الأخرى([7]).
ولعل لطبيعة مناخ مدينة النجف وموقعها الجغرافي المطل على الصحراء له الأثر المهم في تفتح الأذهان وتوقد الشعور وإرهاف الحس للعشرات من الشعراء والأدباء الذين أنجبتهم مدينة النجف على مر تاريخها الطويل([8]).
إلا أن من أهم مصادر ثقافة الشيخ الخاصة تلك الأسفار والرحلات التي صقلت مواهبه ولا سيما تلك التي رحل فيها إلى كل من الحجاز وبلاد الشام ومصر عام 1911م. والتي استغرقت أكثر من ثلاث سنوات. إطلع فيها الشيخ على نتاجات النهضة الأدبية الحديثة. والتقى بالعديد من روادها أمثال أمين الريحان واحمد عارف الزين وسليمان الظاهر وغيرهم من الذين كانت له معهم الكثير من اللقاءات والمحاولات والرسائل التي ظلت تتحفه بمختلف النتاجات الأدبية الحديثة بعد ذلك([9]).
وكذلك كان لإتقان الشيخ اللغة الفارسية الدور المهم في إطلاعه على الأدب الفارسي ونتاجات أشهر أدبائه. أمثال ديوان الخاجة حافظ وسعدي ومثنوي جلال الدين الرومي ويوسف وزليخا للجامي التي قرأها الشيخ قراءة تحقيق وإتقان([10]).
 


([1]) ينظر: شعرا ء الغري، علي الخاقاني، المطبعة الحيدرية ــ النجف 1375هـ ــ 1955 م: 8/101.
([2]) ينظر: هكذا عرفتهم, جعفر الخليلي, مطبعة الزهراء ــ بغداد 1963 م: 1/228.
([3]) ينظر: النقد الأدبي الحديث في العراق, د. أحمد مطلوب. مطبعة الجيلاوي ــ القاهرة 1388هـ ــ 1968م: 26.
([4]) ينظر: الشبيبي الكبير, الشيخ محمد جواد الشبيبي حياته وأدبه ط 1, مطبعة النعمان, النجف الأشر ف, 1973م: 92.
([5]) ينظر: ماضي النجف وحاضرها: 2/ 392.
([6]) ينظر: الجواهري شاعر العربية، عبد الكريم الدجيلي, مطبعة الآداب ــ النجف الأشرف ــ 1972م: 25.
([7]) ينظر: العوامل التي جعلت من النجف بيئة شعرية, جعفر الخليلي مطبعة الآداب, النجف الأشرف 1971م: 32.
([8]) ينظر: ماضي النجف وحاضرها: 1/387.
([9]) ينظر: شعراء الغري: 8/120. وينظر:جنة المأوى (المقدمة): 47.
([10]) ينظر: عقود حياتي: 13.
 
امتیاز دهی
 
 

 
Guest (PortalGuest)

دبيرخانه كنفرانس‌هاي بين‌المللي
Powered By : Sigma ITID