النصيحة الغاليه
النصيحة الغالية
بقلم الامام المغفور له:الشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء
يقول اللّه جل شأنه في كتابه المجيد:
«انما المؤمنون اخوة،فأصلحوا بين أخويكم»و قال تعالي:«و ما كان ربك مهلك القري بظلم و أهلها مصلحون»
ثارت في هذه الايام بالعراق عواصف فتن هوجاء و مضاربات طائفية ذات الوان مختلفة و اشكال متنوعة و قد انتشرت في هذه الآونة عدة مناشير في التضليل و التكفير لطائفة الكشفية و الشيخية و تكاثر هبوط الكتب علي من عواصم العراق كبغداد و البصرة و غيرها سائلين عن حكم تلك الطائفة من كفر او اسلام و ما يتبعها من الاحكام من طهارة و نجاسة و غيرهما و صدرت مني اجوبة متعددة مختلفة الاساليب متحدة الجوهر و كان هذا الحال التعيس الذي وصلنا اليه يحز في فؤادي حز المدي و السكاكين،و اللّه علي ما أقول شهيد.ثم زادت البلية و عظمت الرزية بما تنشره بعض صحف العاصمة من الطعنات الطائفية المسمومة و التي تثير عواطف الاخرين فتكيل لها بالصاع الا و في،و هكذا كل واحد يضرب الاخر فيهلك و يهلك اخاه في الدين و الوطن و اللسان.و لما كانت مفاسد هذه الخطة و اخطاؤها جلية واضحة لكل ذي شعور-صرت لا اشك ان هناك اصابع خفية تلعب و تنشب اظفارها للظفر اصابع خفية تلعب و تنشب اظفارها للظفر بهذا الشعب البائس-اما لاشغاله اولامر آخر من طوامير السياسية الغاشمة و قاتل اللّه
السياسة ما دخلت في شئ الا افسدته بل اهلكته.و كل جهة من الجهات المتضاربة تعلم حق العلم ان ليس لها اي فائدة بهذا التضارب بل كل الفائدة لعدوهما معا عدو العروبة.عدو الاسلام.عدو الحق و كلا الطرفين يخدمانها بهذا التضارب اكبر خدمة و من الغريب المدهش ان الاديان السماوية في الشرق و الغرب كاليهودية و النصرانية،لعل فيها من المذاهب المختلفة و النحل المتباينة اكثر مما في الاسلام، كالكاثوليك و البر و تستانت و غيرهما.
و لكن هل سمعت او رأيت بروتستانتيا يكفر كاثوليكيا،او كاثوليكيا يكفرو برو- تستانيا مع شدة الاختلاف بين المذهبين فما بالكم ايها المسلمون لا تزالون تتضاربون علي التوافه التي لا فائدة فيها،و قد ضيعتم الجوهريات،فاين بخاري و سمرقند؟ و اين القوقاس و البلقان؟و اين جنان الدنيا الاندلس؟و اين فلسطين ذات المسجد الاقصي و قلب البلاد العربية؟اليس كل هذا قد اغتصبه المستعمر منكم بهذه المشاحنات و المطاعنات بينكم؟و هؤلاء القوم اخوانكم اليوم في مصر و الجزائر و تونس و مراكش و طنجة يقاسون الوان العذاب و يصليهم العدو نارا حامية،و يصب عليهم نيران المدافع،و يخرب بيوتهم،و يهدمها علي رؤسهم و بدل ان تستعدوا لنصرتهم و دفع العدو عنهم قبل ان تصل النوبة اليكم تضج البصرة بحديث الشيخية و الاصولية و تعج بغداد بالطائفية من السنة علي الشيعة و من الشيعة علي السنة و كلها قضايا مثيره للبغضاء و المعادة و تفريق كلمة المسلمين،و ضرب بعضهم ببعض،كي يأكلهم العدو المستعمر لقمة سائغة،و كل هذا خروج عن أساسيات قواعد الاسلام،فالقرآن المجيد يقول: «و اعتصموا بحبل اللّه جميعا و لا تفرقوا»: «ان الذين فرقوا دينهم و كانوا شيعا لست منهم»،«و لا تقولوا لمن القي اليكم السلام لست مؤمنا».
الي كثير من أمثال هذه الايات النيرات؛و تواتر عن النبي(ص)من طرق الفريقين ان من قال:لا اله الا اللّه محمد
رسول اللّه فقد حقن دمه و ماله و عرضه و صارمن المسلمين له مالهم و عليه ما عليهم،و المسلم أخ المسلم لا يخدعه و لا يغشه و لا يستغيبه.فهل بعد هذا من مجال لجواز هذه الاحوال بل الاهوال التي نحن فيها اليوم،و هل ينطبق شئ منها علي كتاب أو سنة أو عقل،انصفوا أنفسكم أيها الناس و اراجعوا وجدانكم ان لم تراجعوا أديانكم و انظروا اي أمة من الامم او ملة من الملل تعمل مثل هذا العمل،تخربون بيوتكم بأيديكم و تساعدون عدوكم علي انفسكم،وهذه اليهود داخل الامم تغلبت عليكم و اخذت اشرف بلاد منكم و هذه الافكار المتشتتة المتشتتة و الاخلاق المتدهورة و الخلاعة القذرة التي تغلغلت في اعماق شعوبكم و انجرف في تيارها الموبق اكثر شبابكم و لم تستطع الحكومات بكل ما لها من قوة ان تقتلع جراثيمها الفتاكة بل تركت الحبل علي غاربه،لاراع و لا مانع و لا امر بمعروف و لا نهي منكر، افما كان الاحري مقاومة هذه الموبقات بدل ان يتطاحن و يتطاعن الاخوان المسلمان السني و الشيعي و الاصولي و الكشفي و الخلاصة(و القصاري)في ابداء رأيي و بيان فتواي ان كنت من اهلها:ان كل من شهد الشهادتين،و قال اني مسلم و ديني الاسلام فهو محكم بأحكام الاسلام من حرمة دمه و ماله و عرضه و طهارته و مصاهرته و غيرذلك،و يجب معاملته علي ظاهر اعترافه،و لا يجوز البحث عن سريرته،فنحن مكلفون بمعاملة الناس علي الظاهر و اللّه يعاملهم علي السرائر. معاملة الدنيا علي الظاهر،و معاملة الاخرة علي الباطن.اما الجدال و الخصام و لا سيما في مثل هذه الايام فهو حرام و الف حرام.
نعم من شهد علي نفسه و اعترف بأن احدا من البشر او غير هم من الائمة او غيرهم انه هو الا له او شريك مع اللّه في الربوبية او هو الخالق و الرازق او اظهر البغض و العداء لاهل البيت و النصب لهم يعني الغلاة و النواصب فهو كافر نجس و ان اظهر الاسلام،فالاسلام بريئ منه و الاهم من كل هذه العوالم انضمام الجميع تحت راية:(لا اله الا اللّه محمد رسول اللّه(ص)و الاعتصام بحبل الاسلام و ترك البحث عن هذه القضايا و الاستعداد للخطر الداهم، و هو ما تريده الدول المستعمرة من انتزاع
الباقي من ممالك الاسلام من يد المسلمين اي الباقي صورة و الافالكل في قبضتهم و تحت تصرفهم حتي كعبتنا و قبلتنا التي نحجها و نصلي اليها.
ايها المسلمون هذه نصيحتي اليكم فخذوها نفثة حري و موعظة حرة.من اب ناصح مخلص،خذوها صرخة عالية و لتعيها اذن واعية.
***
لعمري لقد ايقظت من ليس نائما و نبهت من كانت له اذنان
و رجائي من اخواني المسلمين جميعا الكف تماما عن هذه المشاغبات و اماتة هذه المشاجرات و المضاربات من جميع الجهات و الانصراف بشعار(لا اله الا اللّه و اللّه اكبر)
اللهم انا نرغب اليك في دولة كريمة تعزبها الاسلام و اهله و تذل بها النفاق و اهله و تجعلنا فيها من الدعاة الي طاعتك و الفادة الي سبيلك و ترزقنا بها كرامة الدنيا و الآخرة يا اكرم الاكرمين يا ارحم الراحمين.
صدر من مدرستنا العلمية:بالنجف الاشرف 23 ربيع 2 سنة 1371 محمد الحسين آل كاشف الغطاء
لينك به پايگاه مجلات تخصصي