دراسـة في التــأثـّر والتــأثــــير الفقـــــــهي
                                                                                  الشهيدان :الأول والثاني
دراسـة في التــأثـّر والتــأثــــير الفقـــــــهي                                                    
السيد علي محمود البعاج
ديباجة البحث
 (وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما ) النساء 95
(الحمد لله الذي شرح صدورنا بلمعة من شرائع الإسلام كافية في بيان الخطاب )وصلاة وتسليما على الحبيب المصطفى محمد ( ص) وعلى اله الأحرار الثوار وصحبه الأبرار والشهداء الفقهاء ومن تبعهم بآثار .
من البديهيات الحتمية تبلور الصراع في المحتوى ألقيمي والمضمون الفكري بين تجاذبات :
 التراث والحداثة / الأصالة والمعاصرة / التقليد والتجديد / الأثر والتأثير ، وما إلى ذلك من الإشكاليات التنظيرية وذلك بحسب فهمي القاصر مصدر اقتدار ومثار تحفّز ونقاط قوة .
إن متبنيات التغيير ومرتكزات التجديد تجاريب إنسانية _ إضافة لكونها إسلامية _ وأين نحن من تلكم الشواهد التاريخية ؟ فالرموز العالقة في ذهنية العالم المتمدن برغم اطر الحداثة ومنهجية العصرنة هذه الرموز كانت دوما إصلاحية ، تجديدية ، تغييرية، ثورية، وأولئك كانوا هم رواد النهضة وشواخص الحضارة وتراني أجيء بالمثل واضرب البرهان في الشهيدين السعيدين العامليين ( طاب ثراهما) فهما أنموذجان للخط التجديدي في فقه المدرسة الأمامية وداعيتان من دعاة ( التقريب ) بين المذاهب الإسلامية
وإذا كان لعنصري المكان والزمان من مداليل في منظومة الاجتهاد كما يقرر السيد الخميني (قد) فأن المصداق : الشهيدان العامليان ، إذ انحدرا من جبال عامله ( ولودة الفقهاء ) إلى القواعد الشعبية في سهولها ووديانها وكان عصرهما آنذاك عصر احتلال فقاوما( الاستكبار ) حتى نالا درجة الفخار
وإذا كانت( الذاتية) ينبغي ألاّ تؤثر في صياغة ( الفتوى) كما يعبر الشهيد محمد باقر الصدر ، فلعمري إن الشهيدين كانا الأسوة الحسنة لمحاربة تلك النزعة وارتحلا في الأقطار ليقيما ( الفقه المقارن ) ويشيّدا منهجية ( المقارنة ) وقد صنفا بعد ذلك ( اللمعة والروضة ) أشهر مدونتين في الفقه الإسلامي الأمامي وجمعا إلى فضيلة العلم منقبة الشهادة .
وإنها لدعوة كريمة وسنّة حميدة في تكريم هكذا أفذاذ استثنائيين والبحث كله قصور وتقصير ليدلف إلى أروقة المؤتمر العتيد ، واني اتطفل في هذا الشأن واتقحم هذا الميدان الرحب متحريا المشاركة العلمية وما عساي إلا إن ينعم البحث بقبول الهيئة التحضيرية والأساتذة المشرفين لترى هذه الوريقات النور وما توفيقي إلا من عند الله عليه توكلت واليه أنيب ومنه تعالى نستمد الاعتصام .                                                                                                            علي محمود البعاج
 
بحوث تمهيدية
أولا : جبل عاملة( الجغرافيا والموقع)
حدود الجبل قد ظلت لفترة طويلة ملتهبة وفضفاضة تارةً كانت تمتد وتتسع وطوراً كانت تتراجع وتتقلص
يذكر الحمداني ( ق 10 م ) : إن جبل عامله يطل على بحيرة طبرية باتجاه البحر ثم يضيف في موقع أخر انه يشرف على عكا وله نافذة على الأردن وبحسب ياقوت الحموي ( ق 13 م ) فان الجليل يمتد من سواحل الشام إلى محيط حمص وحتى إلى دمشق ويستشهد هذا الجغرافي بابن فقيه ( ق 9 م ) زاعماً إن قبر نوح يقع في الجليل قرب حمص والحقيقة إن نصبا للنبي نوح ( ع ) يقوم في قرية (كرك نوح) وأسمها اليوم كرك قرب زحلة على الطريق الى بعلبك وقد كانت هذه المنطقة وهي البقاع اليوم تابعه للجليل وكانت جزءاً مما كان عليه جبل عامل *.
إن حدود جبل عامل ليست مثبته في المصادر المكتوبة بل متناقلة بالمشافهة على السن مسنيّه الأمر الذي يفسر اختلاف الآراء بين المؤلفين الذين انكبوا على تاريخ البلاد العاملية منذ بداية ( ق 2 هـ ) فبدأوا بوصف نطاقها الجغرافي ألا إن هذا الاختلاف يبقى في حدوده الدنيا فلنأخذ بحدوده كما وصفها السيد الأمين :
_ يحده من جهة الغرب شاطئ البحر المتوسط أو بحر الشام  
_ ومن الجنوب فلسطين
_ ومن الشرق الأردن ( ألحوله ) ووادي التيم وبلاد البقاع وقسم من جبل لبنان الذي هو وراء جبل الريحان ووراء إقليم جزين .
_ ومن الشمال نهر الأولي أو ما يقارب منه وهو المسمى قديما ً(نهر الفراديس) **
وهذا التحديد مما لا شبهه ولا شك فيه ولكن يقع التأمل في الحد الفاصل بينه وبين فلسطين فقد قيل انه هو النهر المسمى: نهر القرن ولابد من التنويه بأن كتابات المؤلفين العامليين  تمت بعد إنشاء دولة لبنان الكبير وتحويل جبل عامل إلى محافظة لبنان الجنوبي على إن هذه المحافظة وهي دائرة إدارية لا تطابق الحدود المنشودة هذا بالاضافه إلى إن السلطات الفرنسية قد تخلت في بداية الانتداب عن بعض القرى العامليه للبريطانيين فأصبحت من ذلك الحين جزءاً من فلسطين)[1]ومساحة جبل عامل لا تزيد عن 30 كم x 40 كم فأنه يحده من الشمال جبل لبنان ومن الشرق الحوله ومن الجنوب فلسطين ومن الغرب البحر الأبيض وهذا التحديد يوضح مكان جبل عامل ومنه نعرف انه لم يسالمه احد من جيرانه إلا البحر الأبيض[2]
وجبل عامل جزء من بلاد سوريا الكبرى يقع في جنوب لبنان ويسمى بالعاملة كذلك نسبةً إلى عامله بن سبأ الذي رحل من اليمن وسكن جبالا من لبنان فأطلق عليها أسم العاملة فيما بعد[3]                                                         
ثانيا :العامليون
(جبل العلماء)على ما يقول مارون عبود في كتابه (نقدات عابر) أصبح بعد العام 1920جنوب لبنان أو الجنوب مختصرا حسب التعبير الشائع على السنة ألعامه والخاصة باستثناء قله قليله من المثقفين ورجال الدين الذين مازالوا إلى ألان ينتسبون إليه ويحتفظون باسمه إنا عاملي أو إنا من جبل عامل أو عامله.              
 هذه النسبة من أين جاءت؟ وكيف حصلت؟ والعامليون من هم ومن أين أتوا ومتى أتوا إلى هذه الأرض التي عرفوا بها وعرفت بهم؟فأصبحت ذاكرة لتاريخيهم ورمزا لهويتهم .      
يقول اليعقوبي في وصفه ولاية دمشق،جبل الجليل : إن سكانه من عامله وبنو عامله قبيلة قديمه من شمال غرب الجزيرة العربية [4]                                     
 ويذكر السيد محسن الامين1876ــ 1952م عدة روايات مختلفة حول أصلهم فعامله قد تكون من اليمن أو أنها قد تضم عشائر متحدره من سبأ وقد هاجر سنه من أبنائه العشرة نحو اليمين وأربعه نحو الشمال ونتج عن هؤلاء الأخيرين عشر قبائل منهم عامله أو أ ن اسم عامله أمراه لعلها تكون عامله بنت مالك بن وديعة بن قضاعه وهذه المرأة مذكورة في معجم قبائل العرب[5] .  
 ويروي محمد جابر إل صفا رواية :أن سكان جبل عامل من ذرية عامله بن سبأ بن يشغوب بن قحطان وهي قبيلة يمنيه هاجرت إلى هذه البلاد سنة(300ق م )بعد الطوفان وخراب سد مأرب ونهاية مملكة سبأ[6]    
وبما إن جميع هذه الروايات تتفق على تسمية جبل عامل نسبة إلى قبيلة عامله فأن تفاصيلها المختلفة تقل عنها في الأهمية لاسيما أنها روايات تمتزج بالأسطورة والخرافة والحق إن بني عامله كانوا يقيمون في جنوب شرق البحر الميت إثناء الفتح الإسلامي وبعد ذلك بقليل أقاموا في الجليل الأعلى ثم انتقلوا إلى جنوب لبنان في مقاطعة بلاد الشقيف وبلاد الشقيف هي الجزء الشمالي من جبل عامل ويسمى جزءه الجنوبي بلاد بشارة .
 ويعود اسم ( بشارة )  بحسب احمد رضا إلى احد أمراء بني معن بشارة بن مقيل القحطاني وكان يحكم المنطقة في القرون الوسطى إلا إن الدليل ينقصنا[7] .  
ويذهب إل صفا * إلى ابعد من ذلك في تحرياته ويقول بان أراء الباحثين متباينة في هذا المجال ولا يوافق رأيه رأي احمد رضا ولو إن بعض المؤلفين العامليين قبله يدعمونه وذلك لأنه لم يجد هذا الاسم في المراجع التاريخية وبرأيه إن علماء آخرين قد رأوا إن الأمر يتعلق ببشارة بن معن وهو من أسرة عربية هي فرع من ربيعة كانت تحكم لبنان بين ( 1516 _ 1697 ) إلا انه يسارع في تكذيب هذا الرأي محتجاً بأن اسم بشارة لم يرد بين حكام الاسره المعنية في جبل عامل وبحسب إل صفا فأن الرأي الأقرب للتصديق إن يكون الأمر مختصاً بحسام الدين بشارة بن أسد الدين بن مهلهل بن سليمان بن احمد بن سلامه ألعاملي ويتبنى الأمين هذا الرأي مدققاً بأن حسام الدين هذا من قبيلة عاملة التي شاركت في فتح عكا في جيش أبي بكر أخي صلاح الدين الأيوبي ( 1187 ) فحكمت المدينة بعد ذلك وكانت في الوقت نفسه مشاركة في الاستيلاء على قلعة ( هوتين ) . ويتابع الأمين فيورد استشهادات أخرى حول هوية بشارة فيستنتج بان احد أجداد آل علي الصغير ابن بشارة على انه أعاد بناء مدينة صور في أوائل ق 9 هـ قد حكم المنطقة لفترة طويلة إلا إن السيد محسن الأمين يقر بان سر التسمية يبقى قائما[8] .  
ثالثا  : تأريخ التشيع في لبنان
قبل التحدث عن تاريخ التشيع في لبنان على الأعم وفي جبل عامل منه على الأخص لا بد من الاشاره إلى أبي ذر الغفاري ( رض )
ابو ذر الغفاري : جندب بن جناده , صحابي مـن أقدس واقدم المؤمنين اشتهر بتقواه وتقشفه ( ت 32 هـ / 652 م ) ويقول أصحاب التراجم والسير انه كان شديداً في الحق لا تأخذه في الله لومة لائم وليس أدل على ذلك مــن حديث أمير المؤمنين الإمام علــي ( ع ) إليه ووصيته له حين نفاه عثمان بن عفان إلى الربذه [9]  
 ففي ولاية معاوية بن أبي سفيان على الشام تم إبعاده إلى جبل عامل فبذر فيها ولاء آل محمد ( ع ) وهو أول من نشر التشيع هناك وكان معاوية قد طرده من دمشق لمواقفه الجريئة وصرخاته المدوية فأسس بذلك طائفة شيعية هي الثانية بعد طائفة الحجاز بالسبق التاريخي كما انه أنتج تقليداً علمياً بدأه بتدريس إتباعه. يقول الشيخ الحر ألعاملي ( ت 1693 م ) : ( إن التشيع في جبل عامل أقدم منه في غيره من البلاد ما خلا المدينة المنورة وانه يعود فيه إلى عهد الخليفة عثمان حيث إن اباذر لما أخرجه عثمان إلى الشام تشيع جماعه كثيرة من أهلها فأخرجه معاوية إلى القرى فوقع في جبل عامل فتشيعوا من ذلك اليوم )[10] ويشير بعض الباحثين إلى خبر مرابطة أبي ذر عند ساحل الصر فند ( أي بيروت ) وتواتره [11]كما يذكر السيد محسن الأمين إن خبر نفي أبي ذر إلى قرى الشام وجبل عامل وان لم يرد به خبر مسند إلا انه قريب غير مستبعد ويؤيده وجود مسجدين في جبل عامل باسمه في كلٌ من ميس والصر فند وهذه الأمور يستأنس بها لتشيع أهل جبل عامل على يد أبي ذر وتورث الظن بذلك  وأن كان
لا يستطيع الجزم به [12] بينما يخلص بعض الباحثين إلى إن الروايات الواردة حول الموضوع لا تعني إن إخراج أبي ذر الأول إلى الشام كان نفياً كما لا يصادق على كون معاوية قد استقدمه إلى الشام ثم خرج إلى قراها[13] وقد أيده في هذا باحث أخر إذا اعتبر انه قدم إلى الشام في المرة الأولى بملء إرادته وأكد على إن من المقبول القول :انه كان في جبل عامل بعد إن تم رصده في طرابلس وبيت المقدس وفقاً لمصادر تاريخية ولكنه في الوقت نفسه يميل إلى اعتبار ارتباط التشيع في جبل عامل بابي ذر اقرب إلى الاسطوره منه إلى الحقيقة التاريخية كما لم يصادق على ارتباط تشيع أهل جبل عامل بابي ذر بعض الباحثين الآخرين[14] .
ويتابع الشيخ الحر ألعاملي حديثه : قامت بعد ذلك جماعات قليلة من الشيعة في مكة والطائف واليمن والعراق وبلاد فارس إلى إن عددهم في جبل عامل كان الأكثر وعلى ما يبدو فان الشيعة الأمامية فـــــي الواقــع لـم تدخله إلا ابتداء مــن ( ق 9 هـ ) كما في باقي المناطق من بلاد الشام وقد ازدهرت فيه في القرن 11 هـ وقد اضطر الشيعة اثــر انسحابهم بعد حمـــلات المماليك التعسفية علــى كسر وان ( 1291 _ 1305 ) للتراجع إلى جزين والبقاع فزاد بذلك عدد السكان في جبل عامل .
رابعا :عامله في أدب الرحلات
عاملة موقعاً وتاريخاً وسكاناً أجبرت ألرحاله العرب والمسلمين والأجانب على ريادتها وتدوين مشاهداتهم في فترات متعاقبة ومفاصل استثنائية ضمن مسارها الحضاري وتطورها التاريخي . فقد تنقل الرحالة الإيراني المعروف ( ناصر خسرو القباذياني ) ودون عام 437 هـ :
( إن أكثر أهل صور من الشيعة ).
وقد أكد كل أولئك ألرحاله العرب والمسلمون والأجانب من ( ق 12 هـ _ ق 14 هـ ) على إن سكان جبل عامل كانوا من الأمامية حيث يؤكد ناصر خسروا أيضا عن صور مثلاً : ( هي معروفة بالمال والقوة بين البلاد الساحلية وأكثر أهاليها شيعة وقاضيها رجل سني ) [15].
ومر بها الرحالة التاريخي الشهير ( ابن بطوطة ) في رحلته عام 725 هـ وقال : ( أنها خرابٌ وبخارجها قرية معمورة وأكثر أهلها ارفاض )[16]
ويروي لنا الرحالة المعروف ( ابن جبير ) عن مشاهداته إبان الحروب الصليبية : ( ورحلنا عن تبنين وطريقنا كله ضياع متصلة وعمائر منتظمة سكانها كلهم مسلمون ويؤدون للإفرنج نصف الغلة وجزية عن كل رأس : دينار وخمسة قراريط ولهم على ثمر الشجر ضريبة خفيفة )[17].
وقد زار هذه المنطقة الرحالة الفرنسي VOLNEY  بعد واقعة الوالي الاستبدادي احمد باشا الجزار فيها بثلاث سنوات وقد أحرقت مكتبتها وشاهد أثار تلك الواقعة المأساوية[18].
خامسا :الحلة الفيحاء والدولة المزيدية فيها
إبان الدولة العباسية في شيخوختها قامت دول عدة منها : الدولة الفاطمية بمصر والادارسه في المغرب والحمدانية في بلاد الشام والموصل والدولة البويهية في العراق وايران .
ومن بين تلك الدول نشأت الدولة المزيدية في الحلة ( 403 هـ _ 545 هـ ) وهي دولة صغيرة كان التوصيف الأمامي لها أكثر وضوحاً مما في الدولة الحمدانية وقد ساعدت هذه الدولة على تركيز التشيع في الحلة وبذلك بزغت الحوزة العلمية فيها نتيجةً لقيامها بما يؤدي إلى جعل الحلة أرضا مناسبة لذلك .
لقد اتخذ الأمير ( سيف الدولة مدقه ) من الحلة عاصمة لإمارته وقد انفصل عن الدولة السلجوقية لضعفها وكثرة الانشقاقات فيها وامتد نفوذ هذه الاماره الشيعية إلى البصرة وواسط والبطيحة والكوفة وهيت وعانه وحديثة وخضعت لها قوى القبائل العراقية في ذلك العهد ومن الشواهد التاريخية على قوتها انه قد نفي الشيخ الأكبر الشيخ المفيد إليها في فترة من الفترات الملتهبة ببغداد[19] .
لقد اهتمت هذه الدولة بالشؤون الإدارية والعمرانية والثقافية فنشرت العدل في البلاد وكانت تحترم العلماء والأدباء وتجزل لهم في العطاء لذلك انتعشت الحركة العلمية في ظلها ولقد أعادت إلى العراق  هذه الدولة عزته واستقلاله ووحدته بعد ما كان مقسماً مشتتاً مستعبداً بفعل السلاجقة وأذنابهم وكانت الحلة في هذه الفترة مركزاً مهماً للآسر العلمية الشيعية : إل البطريق _ إل أبي نما _ إل طاووس _ إل المطهر _ إل معيه .
لقد أنجبت كل أسره العديد من القادة العلماء الميامين الذين كانوا لهم الاثر الكبير في خدمة مسيرة اهل البيت ( ع ) .
ومن ملوك هذه الدولة :
_ سيف الدولة علي الأول .
_ نور الدولة دبيس الثاني .                          
_ علي الثاني .                                            
وقد انقرضت هذه السلسلة على يد الاتابكة الزنكية ونتيجة لعمل الدولة المزيدية في الحلة في خلق القاعدة الشعبية وتحرك العلماء المحليين في هذه الفترة سياسياً اصبحت الحلة مركزاً علمياً رئيسياً للتشيع وصارت حوزة علمية كبرى[20] .
سادسا: الحوزة العلمية الانتقالية في الحلة
في أواخر القرن السادس الهجري , ضعفت الحركة العلمية في مدرسة النجف الاشرف بعوامل عديدة لعل من أهمها :
1_ العامل المادي وتمثل بالعسر والضيق الذي أصاب سكان النجف بمن فيهم علماء وطلاب مدرستها وذلك لشحة المياه وصعوبة التزود منها[21] .
2_ العامل الاقتصادي _ وتمثل بغلاء الأسعار وارتفاع تكاليف المعيشة خلال هذه الفترة الزمنية .
3_ العامل الأمني _ وتمثل ذلك بتكرر هجمات البدو الحجازيين على مدينة النجف في تلك الفترة مما أشاع الخوف والذعر بين سكانها 4_ بروز الفقيه محمد بن إدريس الحلي ( 543 _ 598 هـ )  وهو من أهم العوامل وأنهضها حيث إن هذا الفقيه قد تخرج من مدرسة النجف وادي إلى إن يستقطب طلاب العلم إليها فازدهرت مدرسة الحلة ونبغ فيها جهابذة العلماء في الفترة الزمنية الممتدة من أواخر القرن السادس الهجري وحتى نهاية القرن العاشر الهجري وكان من اؤلئك .
أ _ سديد الدين يوسف بن المطهر الحلي الاسدي ( ق 7 هـ  ) والد العلامة الحلي
ب _ الشيخ مفيد الدين محمد بن جهم الحلي الاسدي ( ق 7 هـ ) .   
ج _ السيد جمال الدين احمد بن موسى بن جعفر بن محمد بن طاووس الحسني الحلي ( ت 672 هـ / 1273 م ) .
د_المحقق الحلي الشيخ جعفر بن الحسن( 602 _ 676 هـ )( 1205_ 1277م ) .
هـ _ الشيخ نجيب الدين يحيى بن سعيد الحلي المعروف بابن نما ( ت 689 هـ _ 1290 م ) .
و _ كمال الدين عبد الرحمن بن محمد العتائقي الحلي ( 699 _ 790 هـ ) ( 1299 _ 1388 م ) .
ي _ المقداد بن عبد الله السيوري الاسدي الحلي ( ت 826 هـ _ 1422 م )[22] .
سابعا :الحلة وسلاطين المغول
في سنة 698 هـ جاء السلطان غازان [23] إلى العراق وتوجه إلى الحلة لزيارة المشاهد الشريفة وأمر للعلويين فيها بمال كثير ثم أمر بحفر النهر بأعالي الحلة فحفر وسمي النهر الغازاني وتولى ذلك شمس الدين صواب الخادم السكورجي ثم سار إلى بغداد وعقد ضمان العراق على الملك إمام الدين يحيى القز ويني البكري واستقل بالحكم .
انشأ السلطان غازان للحلة مكانا دعاه دار السيادة وجعل وقفه يصل الى الفقراء والمساكين  من العلويين وتصرف غلته في وظائفهم ومثل هذه الدار أنشئت في كل مدينة كبيرة .
في سنة 713 هـ توفي السلطان غازان فتولى الملك بعده ولده محمد خدا بنده ( 703 _ 713 هـ ) كان هذا السلطان أولا على مذهب أهل السنة ثم اعتنق مذهب الأمامية ألاثني عشرية بمساعي العلامة الحلي الحسن بن يوسف بن المطهر وذلك ما سنعرفه من المباحث الآتية .
ولغرض تبيان هيكلية البحث وبيان مفاصله تنتظم الدراسة على فصول وكما ياتي :
الفصل الأول
الشهيد الأول (محمدبن مكي العاملي )
734 _ 786 هجري
عصره وسيرته 
وينتظم الفصل على خمسة مباحث وكما يأتي :
المبحث الأول
التركيبة السياسية في عصر الشهيد الأول
عاش الشهيد الأول عصراً مضطرباً قلقاً على الصعيد السياسي والاجتماعي على السواء وكانت الفتن تعصف به من كل جانب فقد كانت الدولة الإسلامية _ على سعتها _ ممزقه شر ممزق ومن مفارقات الدهر إن ظهر المماليك .
والمماليك: عبيد من جنسيات مختلفة كانوا امتداداً للدولة الأيوبية ( 564 هـ ) وهم بشكل عام جهلة اميون ومن سفاكي الدماء وينقسم المماليك إلى قسمين :
الأول _ المماليك البحرية ( 1250 _ 1390 م ) : وقد سموا بذلك نسبة الى نهر النيل إذ كانت مواقعهم العسكرية وثكناتهم البحرية تقوم على جزيرة صغيرة في النهر وهم في الغالب من الأتراك والمغول .
الثاني _ المماليك البرجية ( 1382 _ 1517 م ) : وهم غالباً من الشراكسة والشراكسة من مناطق شمال غربي القفقاس والشاطئ الشرقي للبحر الأسود[24] لقد استولى الشراكسة على الحكم بعد انتهاء المماليك البحرية وذلك عام 784 هـ واستمر حكمهم زهاء 138 عاماً وقد اتخذوا من القاهرة عاصمة لهم وأول ملوكهم الظاهر سيف الدين المعروف بـ ( برقوق ) لجحوظ عينيه [25]وكان في أول عهده عبداً خاصاً اتابكاً للملك الصالح الحاجي ابن الاشرف بن شعبان وهو الرابع عشر من ملوك الأتراك ولقد تولى ألحاجي الحكم وعمره 10 سنوات فأنتهز برقوق ضعفه واستولى على الحكم ولكن الأمور لم تسر في صالحه إذ سرعان ما انشق عليه الأمراء فأعلن كل من :
 تمريغ الافضلي و بليغ العمري , الثورة عليه وأطيح به وأعيد الحاجي مرة أخرى إلى سدة الحكم فيما سيق برقوق إلى السجن بــ ( كرك ) على إن برقوق استولى على السلطة مره أخرى فور خروجه من السجن بعد إن جمع قوات محاربة فقضى على أعدائه واستمر في الحكم حتى وفاته عام 801 هـ[26] .
 
المبحث الثاني
الحياة الاجتماعية في عهد الشهيد الأول
تردت الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية عموماً في مصر وسوريا بعد تسلط الشراكسة على الحكم وتفشى الفساد في أجهزة الدولة لضعف جهاز الدولة نفسه ولتسرب الصليبيين إلى البلدان الإسلامية فقد جاءت الحملات الصليبية عقيب حملة التتر وكان لهما أسوء الأثر على الحياة الاجتماعية والاقتصادية فلم يكد الناس يتنفسوا الصعداء اثر توقف الاجتياح المغولي حتى بدأت الحروب الصليبية وتدهورت الأوضاع من سيء إلى أسوء بسبب الحروب والفتن الداخلية والاختلافات القائمة على قدم وساق بين الأمراء والحكام وقد ضاقت الشعوب الإسلامية الأمرين من حكم الشراكسة فبينا هم عبيد في أيدي النخاسين بالأمس إذا هم اليوم ملوك وسلاطين يمسكون بمقدرات امة عظيمة وقد بلغ الاستهتار ذروته حتى أصبح خيال الحكم يراود كل عبد منذ قدومه إلى السوق .
يذكر صاحب مؤلف ( سمط النجوم العوالي ) نصاً جديراً بالتأمل والدراسة لتلك الفترة وحتى لأيامنا هذه :
( جُلِبَ عبد وهو حقير فاحش ألقرعه فاحش العرج قال للدلال الذي يبيعه : هل اتفق تولي الأقرع الأعرج سلطاناً )[27].
وقد بلغ تململ الشعوب الإسلامية جراء تعسفهم حتى باتت تشعر بالمرارة والألم وشهدت هذه الفترة أربع عشر فتنه خطيرة كما أحصاها المؤرخون والباحثون ثم زاد الطين بله إتيان الكوارث الطبيعية والاوبئه الفتاكة التي أهلكت الحرث والنسل لتجتاح البلاد وتزيد أوضاعها تعقيداً وتعاسةً فقد عمت حقبةٌ من الزلازل والمجاعات والجفاف وقد خصص المؤرخ المقريزي لوصف هذه الظواهر كتاباً يخص تلك الفترة  فيما انشغل برقوق طيلة فترة حكمه بإخماد الفتن والثورات وإحباط المؤامرات في الداخل إذ كانت العوامل السالفة الذكر تبعث الناس على عدم الخضوع والاستسلام لهذه الدولة الجديدة وفي الوقت نفسه كان مهدداً من قبل الإفرنج الصليبيين وكذا من قبل ( تيمور لنك ) حيث بعث له برسالة تهديديه شديدة اللهجة كما كان مهدداً من قبل المماليك البحرية وكان انشغال الحكومة بإخماد الحركات السياسية ومقاومة الفتن العسكرية والقلاقل الداخلية المعارضة سببا لضعف النشاط الفكري والثقافي وإعمال الأعمار والبناء والفن والهندسة كما خلفت هذه الحروب والمصادمات أثرا سيئاً في حياة الناس الاجتماعية والاقتصادية وفي مقابل هذا الوضع كان على الشعوب إن تتحمل تبعات المجهود الحربي فارتفعت الضرائب بشكل كبير وتفشى الفساد المالي والإداري وراح بعض أصحاب النفوذ يحتكرون السلع الضرورية من قبيل السكر والملح وحكام هذه الدولة وأمراءها كانوا من الناحية الأخلاقية والدينية سافلين ساقطين .
وأليك هذا التوثيق التاريخي شاهداً على تلك الحالة :
( كان عدد من السلاطين _ من هذه الاسره _ عاجزين وخونه وكان بعضهم فاسدين بل ساقطين وكان أكثرهم غير مثقفين وقد عاد نظام تسري الغلمان إلى مثل ما كان عليه من الشيوع في أيام العباسين واتهم عدد من المماليك أولهم ( بيبرس ) ولم يكن السلاطين وحدهم فاسدين بل إن الأمراء أيضا وسائر من في الحكم كانوا على جانب من الفساد ) [28]. وقد ظهرت البدع والضلالات العمياء ومنها فتنة ( اليالوش* ) فيما تتنامى النعرات المذهبية والروح الطائفية بين السنة والشيعة وقد عمل أولئك الحكام الفاسدون والصليبيون الحاقدون دوراً قذرا في إلهاب حدة الصراع والهاء الشعوب بذلك في التفريق بين المسلمين لتمرير مخططاتهم نحو السيطرة والاستعمار والاستعباد.
المبحث الثالث
القيادة المرجعية_السياسية للشهيد الأول
وينتظم هذا المبحث على ثلاثة مطالب وكما يأتي :
المطلب الأول _ البعد السياسي عند الشهيد الأول
تمتع الشهيد الأول بعلاقات جيدة مع الحكام والأمراء والشخصيات السياسية البارزة في وقته وكان يستثمر هذه العلاقات في خدمة الصالح العام إضافة إلى بيته الذي كان محضراً لعلماء السنة فضلاً عن علماء الشيعة وذلك بطبيعة الحال يعطي التصور الصادق في متبنيات الشهيد الأول للتقريب بين المذاهب والوحدة الإسلامية والجامعة الدينية إضافة إلى الشخصيات السياسية وبقى نشط في هذا السبيل حتى استشهد[29].   
واحتل الشهيد في المدة التي عاشها في دمشق مكانة اجتماعية راقية فكان موضع حفاوة الطبقات المختلفة واكتسب شعبية كبيرة كما التف حوله كثيرٌ من أقطاب السياسة والحكم في دمشق وخارجها .
واستطاع إن يتجاوز في نفوذه الروحي والإسلامي حدود سوريا والعراق ويشد الملوك والحكام من الإطراف إليه وكان منهم ( علي بن مؤيد ) ملك السربداران في إيران وسنتناول المعالجة التاريخية لتلك الدولة الفارسية في المبحث الأتي وكان ذلك البعد السياسي هو منشأ الضغينة من قبل المتسلطين ومثار حقدهم واس كراهيتهم .                              
المطلب الثاني _ بناء الكيان المرجعي
يعتقد السيد الشهيد الصدر الأول إن المرجعية وكيانها مرت بمراحل ثلاث :
أولا : مرحلة الاتصالات الفردية : وقد حصلت بين العلماء المجتهدين والقواعد الشعبية في بلاد أولئك العلماء , يُستفتى العالم فيفتي وهذه المرحلة هي المرحلة التي عاشها أصحاب الأئمة عليهم الصلاة والسلام واستمرت هذه الحالة إلى أيام العلامة الحلي .
ثانياً : مرحلة المرجعية ( الجهاز ) : حيث يستطرد الشهيد الصدر محمد باقر في تفصيله لهذا التصنيف ( وأظن _ بحسب فهمي من سير الإحداث _ انه دخلها على يد الشهيد الأول ( رض ) , هذا الشهيد الأول الذي قدم دمه في سبيل نقل هذا الكيان من المرحلة الأولى إلى المرحلة الثانية على عهد الشهيد الأول ( رض ) تطور هذا الكيان .... أصبح هذا الكيان عبارة عن أجهزة من الوكلاء وعلماء الإطراف يرتبطون بالمرجع ويتصلون بالقواعد الشعبية .... يعني هذا الوضع الموجود للمرجعية فعلاً , إنا لا اعرف تطبيقاً اسبق من الناحية التاريخية له من تطبيق الشهيد الأول ( رض ) .  قام بهذا التطبيق في لبنان وسوريا وعين الوكلاء وفرض جباية الزكاة والخمس على القواعد الشعبية من الشيعة وبذلك انشأ كياناً دينياً قوياً للشيعة مترابطاً لأول مرة في تاريخ العلماء .
ثالثاً : ( مرحلة التمركز والاستقطاب *) : استمرت هذه المرحلة إلى إن دخلت المرجعية(المرحلة الثالثة ) على يد الشيخ كاشف الغطاء_ ويقصد به (رض) الشيخ جعفر الجناجي _ ومعاصريه من العلماء وهي مرحلة التمركز والاستقطاب .
المبحث الثالث _ المطلب الثالث _ دولة السربداران :
كانت للشهيد الأول علاقات مؤكدة وصلات متينة مع ( علي بن مؤيد ) أخر ملوك السربداران ولهذا فأنا آثرنا المعالجة التاريخية لهذه الحكومة ومدى تأثيرها في الإحداث من خلال معاصرة شهيدنا الأول لها حيث كتب لهم كتابه الخالد ( اللمعة الدمشقية ) لتكون دستوراً إسلاميا لهذه الدولة  .
والسربداران : حكومات شيعية استولت على الحكم في خراسان بعد معارك دامية عام 738 هـ واستمرت حتى عام 783 هـ _ بعد وفاة محمد خدا بنده الملك المغولي _ وجاء ثورة السربداران كرد فعل عنيف لظلم المغول وقد قاد الثورة أول ملوكهم الأمير عبد الرزاق المؤسس لهذه السلسلة مطلقاً شعاراً حماسياً مفاده : ( الموت شنقاً أفضل من الحياة ذلاً ) [30]وإذا كان لكل ثورة شرارتها فأن نهضة السربدارارن بدأت لدى هجوم خمسة من جنود المغول في قرية ( باشتين ) وهي من قرى مدينة ( بيهق ) * على إحدى البيوت واستفزازهم أهلها , عندها انبرى أهل البيت للدفاع عن أنفسهم وقتلوا الجنود الخمسة وهو
 
أمر يعني زوال بيهق* كلها من على الخارطة وينبري عبد الرزاق الى حماية الثائرين وإعلانه دمه لهم لتتطور الحادثة وتاخذ شكل الثورة العارمة ضد الوجود المغولي باسره مطلقين صيحتهم المدوية:( سربه دارمي دهيم امازير بارننك نمي رويم ) ** وينتسب حكام السربداران من جهة الاب الى الامام الحسين
( ع ) اما من جهة الام فيعود نسبهم الى البرامكة ويعد الشيخ خليفة المازندراني منظر الثورة ومؤسس قاعدتها الفكرية وبعد استشهاد الشيخ خليفة اعقبه تلميذه الشيخ حسن جوري في دعوته حيث استشهد هو الاخر في صراعه المرير ضد اعدائه وقد ترك شهادته اثراً بالغ الخطورة على الساحة الفكرية دفعت باخر ملوك السربداران ( علي بن مؤيد ) الى عرض الزعامة الفكرية على الشهيد الاول ومليء الفراغ الذي نشأ عن غياب حسن جوري ومن هنا الفت ( اللمعة الدمشقية ) ودفعها الشهيد الاول الى ( شمس الدين الآوي ) [31]صاحب ( علي بن مؤيد ) وامره بالاسراع والكتمان .
وتعود اهمية السربداران الى ان نهضتهم قامت على قاعدة اسلامية هدفها ارساء العدل في البلاد _ ولعلها قاعدة انسانية ايضاً _ متخذه من مذهب اهل البيت ( ع ) طريقاً لتحقيق ذلك .
ولقد شهدت خراسان تقدماً كبيراً في مختلف الأصعدة خلال حكمهم الذي استمر قرابة النصف قرن من الزمن فقد كانت مندمجة في حكومة التتر وانقرضت بعد ذلك بسنوات قليلة [32]وقد توفي أخر ملوكها ( علي بن مؤيد ) عام 795 هـ أي بعد تسع سنوات من شهادة الشهيد الاول .
المبحث الرابع_الحركة الفكرية في جبل عامل على عهد الشهيد الأول
حريٌ بالباحثين وبمن أرخوا للفقه الإسلامي وعصوره وتناولوا المراكز العقلية في العالم الاسلامي او بمن يصنفون في طبقات الفقهاء ان يدونوا ( المدرسة العاملية ) ضمن المراكز الفقهية الامامية والحواضر الاسلامية العتيدة فهي من المكونات الاساسية التي شكلت بمجموعها مفهوم ( جبل عامل ) الذي خرج عن كونه بقعة يقطنها مسلمون من الشيعة الذين تعرضوا لابشع انواع القهر والتهجير لفترات طويلة الى حقيقة تجلت في ابهى صورها لخدمة المشروع الاسلامي العالمي والى ركيزة اساسية لاثراء ثقافة اهل البيت ( ع ) , لقد تجاوز جبل عامل حدوده الجغرافية وبات ينسب نفسه اليه كل من تخرج من مدرسته وشرب من نمير فقه كالمحقق الكركي فهو من بلدة ( كرك نوح ) البقاعية ولا تمت بجبل عامل بصلة ومن المعروف بان جبل عامل لم يكن ركيزة علمية تشد اليه الرحال قبل عهد الشهيد الاول والسبب هو فقدان الامن والاستقرار وعدم توافر رجال افذاذ قادرين على القيام بهذه الثورة المعرفية . فجبل عامل كان يرزح تحت نير الاحتلال الصليبي الذي دام زهاء قرنين من الزمن وعمد الى تدمير الكيان الشيعي خصوصاً في المدن وابقى على سكان القرى كي ينتفع من اليد العاملة بعد ما كان يأخذ الجزية منهم كما ينقل الرحالة الشهير ابن جبير في رحلاته ايام الحروب الصليبية [33]هذا الواقع المرير الذي استمر حتى عام 690 هـ لم يمنع من وجود علماء دين ومبلغين ومرشدين كما ينقل المؤرخون :
_ مفيد الله بن ايوب : شاعر كبير عاش في عهد الامام الرضا ( ع ) وكان من اصحابه وانصاره [34]
_الشيخ جمال الدين ابراهيم بن الحسام ابي الغيث العاملي كان حياً حدود(669هـ ) .
_ الشيخ نجم الدين طوقان * ابن احمد المناري ( ت 728 هـ ) وهو من اساتذة الشيخ مكي والد الشهيد الاول .
_ الشيخ اسد الدين الصائغ الجزيني .
_ الشيخ احمد بن طي الجزيني الجد الاكبر للشهيد الاول .
وغير هؤلاء كثيرون [35].
 
المبحث الخامس  _ إعتقال الشّهيد الأوّل وشهادته :
من ( جزين ) ارتحل الى ( دمشق ) ليصبح في مركز الحدث وقريباً من مصادر القرار ودمشق يوم ذاك حاضره اسلامية ومدينة عريقة اقام فيها بقية ايامه فكان قطب الرحى منه يصدرون وعليه يردون من اقطاب المذاهب وارباب الحكم ووجوه المجتمع , وكادت تُثل عروش وتُقوض حكومات وتطيح رؤوس لولا ان تدارك الامر فقهاء البلاط ووعاظ السلاطين وكبيرهم في السحر ( برهان الدين بن جماعة ) قاضي دمشق فوشوا به الى ( بيدمر ) وهو تبع لـ ( برقوق ) سلطان مصر والشام اسمياً ملتحقة بمصر انذاك .
اعتقل شهيدنا الاول في القلعة من دمشق اثر تداعيات عدة وعوامل مجتمعة لعل ابرزها مركزيته السياسية وتاثيره في الحكم وفتنة اليالوش ومنهجيته في التقريب بين المذاهب الاسلامية اقول : اعتقل سنة كاملة خلالها كان منشغلاً بالتاليف والتصنيف علمياً وروحانياً منشغلاً بالذكر والعبادة وفي محنته هذه زاره محبوه ومريدوه ومقلدوه في معتقله فخشي النواصب على مقاماتهم وضمروا له الضغينة والدسيسة مما حدا بشهيدنا الاول ان يبعث الى ( بيدمر ) بقصيدة مؤثرة تنبئك ابياتها عن واقع الحال وشدة المآل :
لا تسمعن فيّ اقوال الوشاة             فقد باءووا بزور وافك ليس ينحصر
والله والله ايماناً مؤكدة                 اني بريء من الافك الذي ذكروا
الفقه والنحو والتفسير يعرفني       ثم الاصولان والقرآن والاثر[36]
ولكن انىّ لهم بالجواب فالحقد يعمي ويصم وحيث هنا وما ادراك ما هنا ؟ انها ساحة من محضر القدس الإلهي حيث قتل بالسيف صابراً محتسبا وامر بصلبه وهو مقتول بمرأى من الناس ورضخوا جسده الطاهر بالحجارة والى ذاك لم يشف غليلهم ولم يهدء مرضهم فقد احرقوه بعد ان تركوا جثته المباركة تذروها الرياح المقام هنا لاتشرحه العبارة وتقصر دونه البلاغة , بيد انه لما راينا ما جرى بنا وباهلنا المضطهدين في العراق بعد الغزو الامريكي والاحتلال الغربي بعدما الفنا وعايشنا ثالوث : التكفير والتهجير والتفجير فلا نندهش لهول ما اصاب شهيدنا الاول فالقوم ابناء القوم وتلك لعمري فترة مظلمة بالارتداد العقائدي الفراغ الفكري والهزال الروحي .
ولنا ان نجمل اثارات الشهادة في اسبابها فتلك عبرة من سنن الكون وظواهر الحياة :
(تعقيب ومناقشة)
1_ المتجه الوحدوي في متبنيات الشهيد الاول بالتقريب بين المذاهب ودرء الطائفية وبرأيي القاصر ان هذا العامل هو اخطر الاسباب واعمقها .
2_ الفقه السياسي عند الشهيد الاول تنظيراً وتطبيقاً , دراسة وممارسة فكراً وعملا منجز انجازا استثنائياً فهو قد شغل حيزاً متميزا لادارة الملف السياسي في عهده ولم يكن فقيهاً اصولياً مؤلفاً حسب وانما كان قائداً مرجعياً وزعيماً ميدانياً .        28
3_ محاربته للضلالات المستجدة والبدع المستحدثه كفتنة ( اليالوش ) تلك الهوجاء التي ظهرت في جبل عامل لتربك الوضع العقائدي ولتوسع الفجوه وتعمق الهوه في الخلاف المذهبي ومن اللافت للنظر ان الشهيد استعان بالبلاط في دمشق لضرب هذه البدعة [37].
4_ علاقاته المتميزة مع الحكومات الاخرى في البلدان الاسلامية كحكومة السربداران في خراسان وما الرسالة التي بعثها ( علي بن مؤيد ) الا شاهد توثيقي مؤكد .
5_ القيمة العلمية والمكانة الفكرية التي ارتقاها الشهيد الاول ولاسيما بين رجالات المذاهب الاسلامية الاخرى وفقهائها وانفتاحه هو ( رض ) على المدارس الاسلامية في فقهه المقارن دراسة وتدريساً , مباحثةً واجازه .
وهكذا قضى الاول من شهداء الفقه وفقهاء الشهادة وتبعته في اثره زرافات ووحدانا من فقهائنا ومفكرينا وعلمائنا ليومك هذا .
لا رمس لا قبر لا ضريح
ان الرمس في الدرس
والقبر في الصدر
والضريح في القول الصريح  
 
الفصل الثاني
الشهيد الثاني ( زين الدين الجبعي ألعاملي)
911_965 هجري
عصره وسيرته
 
وينتظم هذا الفصل على عدة مباحث وكما يلي :
المبحث الأول _عصر الشهيد الثاني
المطلب الاول _ الوضع السياسي _
ارتقى سلم العلم شهيدنا الثاني معاصراً للدولة العثمانية، والعثمانيون انذاك في اوج عظمتهم وعنفوان غطرستهم وقد تاسست الدولة العثمانية عام ( ) وسقطت عام 1918 م بعد ان وضعت الحرب العالمية الاولى اوزارها واذا كان من توصيف تاريخي للدولة العثمانية فانها كانت على الدوام تتجه نحو التجنيد الاجباري للرعية عموماً وللشعوب الاسلامية على وجه الخصوص وتتسم بنظام السخرة اقتصادياً وتتبع سياسة (التتريك) أي فرض اللغة التركية على رعاياها بالإكراه ومن المفارقات المضحكة المبكية في انٍ واحد ان العثمانيين كانوا يرفعون شعار ( الخلافة الاسلامية ) بغية السيطرة على الدول الاسلامية وهم بطبيعتهم أنأى ما يكون عن الاسلام فقد شهدت فترات حكمهم الواناً من التعصب المذهبي والتمييز الطائفي كان على راس ضحاياهم شهيدنا الثاني ( قدس )
المطلب الثاني_الحركة الفكرية في عهد الشهيد الثاني :
لقد توافرت عدة عوامل موضوعية وجغرافية  في بروز جبل عامل كحاضره فكرية على عصر الشهيد الاول محمد بن مكي العاملي وجعلها حوزة علمية تستقل عن الحوزات المركزية ومن هذه العوامل :
1_ المرحلة الانتقالية ما بين  الأحتلال الصليبي وقيام دولة المماليك : صحيح ان المماليك اكملوا ما بدأه الصليبيون وارتكبوا ابشع المجازر حتى ما هو محرم في حالة الحرب وعمدوا الى اغتيال الشهيد الاول بعد ما سجنوه عاما واحدا بدمشق لكن في بداية الامر استطاع الشهيد الاول ان ينفذ مشروعه الذي خطط له وهو في طريق العوده من الحلة الى عواصم البلدان الاسلامية والذي ساعد على ذلك ان المماليك كانوا اميين ولم يحملوا مشروعاً عقائدياً ليواجهوا المشروع الاخر [38].
2_ بلدة جزين ( البلدة التي خرج منها الشهيد الاول) كانت خارج الاحتلال الصليبي مما جعلها ملجأ لكثير من الثوار واعطاها حالة ممانعة وجعلها بلدة متنوّره لم تتاثر بالعقلية الارهابية المنظمة التي مارسها الاحتلال الصليبي بالمنطقة
3_ وجود عدد من علماء الدين والمبلغين في جزين حتى زمن الاحتلال كما ذكرنا في عدة مواضع من هذا البحث فالشهيد الاول نفسه تخرج من بيت علم وعلماء .
ان هذه الاسباب بمجموعها شكلت فرصة تاريخية لذلك الرجل الفذ للبدء بتنفيذ مشروعه وبالفعل برز
الشهيد الاول زعيماً لتلك المرحلة ومؤسسها وبطل نهضتها حتى وصفه كل من رآه او تباحث معه بانه
( افقه فقهاء جميع الافاق ) [39]
ولم تخل جبال عاملة بعد استشهاد الشهيد الاول ( رض ) بل انتشرت الحركة العلمية التي اسسها وتم تصعيدها والحيلوله دون انقراضها على يد العشرات بل المئات من العلماء الابرار فظهرت المدارس العلمية في ميس وجبع وعيناتا والنبطية والكوثرية وحنويه والخيام وعيتا وبنت جبيل وشقراء وشحور وامتلأت جبال عاملة بالفقهاء والفضلاء حتى قيل انه حضر سبعون مجتهداً في تشييع جنازة فاطمة ( ست المشايخ ) كريمة الشهيد الاول وانها لواقعة مثيرة ومؤثرة حقا نلفت لها نظر الباحثين والكتاب والمحققين[40]   
ولهذا يلفت النظر الشيخ الحر العاملي في كتابه ( امل الامل ) الى القيمة العلمية التي حققها علماء جبل عامل في العالم الاسلامي فقال : (ان عدد علماء جبل عامل يقارب خمس عدد علماء المتأخرين وكذا مؤلفاتهم بالنسبة الى مؤلفات الباقين مع ان بلادهم بالنسبة الى باقي البلدان اقل من عشر العشر اعني جزء من مائة جزء ) .
وقد تعاقبت جموع من الفقهاء والعلماء على الهجرة الى البلدان الاسلامية الاخرى ومنها بلاد فارس ( إيران ) على عهد الدولة الصفوية وذلك بعد طلب الصفويين منهم والاستعانه بهم على توطيد الحركة العلمية واستقرار النشاط الفكري في الدلوة الصفوية وعرفت هذه الهجره عند المؤرخين والباحثين والكتاب بــ ( الهجره العاملية الى ايران ) وكان من ابرز اؤلئك :
1_ المحقق الثاني الكركي : صاحب كتاب ( تحقيق الخراج )
2_ الشيخ حسين عبد الصمد الحارثي الهمداني تلميذ الشيخ الشهيد الثاني
3_ شيخنا المحقق البهائي نجل الشيخ عبد الصمد : انتقل الى اصفهان وهي يوم ذاك عاصمة الدولة الصفوية ودفن في الحرم الرضوي المقدس .   
4_ الشيخ لطف الله الميسي : والى الان هناك جامع باسمه في اصفهان
5_ الشيخ الحر العاملي : صاحب ( الوسائل ) هاجر الى المشهد الرضوي المقدس ودفن فيه  
6_ السيد علي بن الحسين : تلميذ الشهيد الثاني وهو الجد الاعلى لاسرة آل الصدر _ شرف الدين _ الذي كان اول من هاجر من آل الصدر الى خراسان .
المبحث الثّاني
 ويقتصر هذا:
المطلب الأول_ اعتقاله
ارسل قاضي صيدا ( معروف الشامي ) في طلبه وكان مقيماً في كرم له منفرداً عن البلد متفرغاً للتأليف فقال له بعض اهل البلد قد سافر عنا مدة فخطر ببال الشيخ ان يسافر الى الحج وكان قد حج مراراً لكنه قصد الاختباء فسافر في محفل وكتب قاضي صيدا الى سلطان الروم انه قد وجد ببلاد الشام رجل مبدع عن المذاهب الاربعة فارسل السلطان رجلا في طلب الشيخ فقال له اتني به حياً حتى اجمع بينه وبين علماء بلادي فيبحث معه ويطلعوا على مذهبه فيخبروني فاحكم عليه بما يقتضيه مذهبي فأُخبرَ ان الشيخ توجه الى مكة فطلب واجتمع به في طريق مكة وقال له تكون معي حتى نحج بيت الله ثم افعل بي ما تريد فرضي بذلك فلما فرغ من الحج سافر معه الى بلاد الروم ولما وصل اليها رآه رجل فسأله عن الشيخ فقال : رجل من علماء الشيعة الامامية اريد ارسله الى السلطان فقال اوما تخاف ان يخبر السلطان بانك قد قصرت في خدمته واذيته وله هناك اصحاب يساعدونه فيكون سبباً لهلاكك بل الرأي ان تقتله وتاخذ براسه للسلطان فقتله في مكانه في ساحل البحر وكان هناك جماعة من التركمان فرأوا في تلك الليلة انواراً تنزل من السماء وتصعد فدفونه هناك وبنوا عليه قبة واخذ الرجل رأسه الى السلطان فانكر عليه فقال له : امرتك ان تأتيني به حياً فقتلته وسعى السيد عبد الرحيم العباسي في قتل ذلك الرجل فقتله السلطان .وقيل ان جثته قد رميت في البحر ولا يعرف لها اثر.
المطلب الثاني _ شهادته ودوافعها
يقول صاحب كتاب ( احسن التواريخ ) وهو تاريخ فارسي : ( كان السبب في شهادته ان جماعه من السنيين قالوا لرستم باشا الوزير الاعظم للسلطان سليمان ملك الروم ان الشيخ زين الدين يدعي الاجتهاد ويتردد عليه كثير من علماء الشيعة ويقرأون عليه كتب الامامية وغرضهم بذلك اشاعة التشيع فأرسل رستم باشا الوزير في طلب الشيخ زين الدين وكان وقتئذ بمكة المعظمة فاخذوه من مكة وذهبوا به الى اسطنبول فقتلوه فيها من غير ان يعرضوه على السلطان سليمان ) [41]
والذي نميل اليه في العوامل الباعثه لقتله هي المكانه العلمية والاثر الفكري الذي تركه وهذا المنصب الذي تبوأه في موطنه او في هجراته ورحلاته كل ذلك كان السبب الحقيقي وراء استشهاده .
الفصل الثالث
الشهيدان : التأثر والتأثير الفقهي
المبحث الأول
           المسار التأريخي للمدرسة الفقهية في الحلة
الحلة وريثة بغداد كأمتداد معرفي والحلة وريثه النجف كامتداد تاريخي فكانت ما بين ذي وذي واسطة العقد , حين اضحت مدرسة الحلة ذات مرتكزات رصينة ومعالم واضحة .
المدرسة الحلّية سجلت حضوراً فاعلاً  وانعطافة استثنائية لاربع قرون هجرية من تاريخ الفقه الامامي الاسلامي : القرن السادس / السابع / الثامن ثم التاسع . لقد اجتمع في الحلة عدد كبير من الطلاب والعلماء والفقهاء وبانتقالتهم اليها انتقل معهم النشاط العلمي من مدرسة النجف وبغداد حيث مجالس النظر والجدل وحلقات الدراسات في البيوت والمساجد والمكتبات العامره .
ا ن اول من وطئها دار علم ومعرفة هو الشيخ ابن ادريس الحلي صاحب السرائر من الفقهاء المبرزين الذي نقل الدرس الفقهي من النجف وهو تلميذها الى الحلة ليصبح زعيمها ويعد هذا الشيخ اول من ناقش اراء الشيخ الطوسي التي هيمنت على الساحة الفقهيه ردحاً من الزمن واول من فند بعضا من تلك الاراء [42]واستقرت في ما بعد المدرسة الحلية على هذه الحالة ونبغ منها علماء مجددون وفقهاء اصلاحيون لهم الاثر الكبير في تطوير الممارسة الاجتهادية وصياغة جديدة لمنظومة ( الاجتهاد ) ولهم قصب السبق في احداث منهجية متقدمة سواء على صعيد المباحثه والدراسة او على صعيد التدوين الفقهي وكان في مقدمهم ابن ادريس والمحقق والعلامة وفخر المحققين والشهيد الاول وابن ابي الفوارس .
ان المعالجة التاريخية لتطور الدرس الفقهي هي من الاهمية بمكان فتاريخ العلم _ أي علم _ باتت تؤكد عليه البحوث الاكاديمية والدراسات الحداثوية والاساليب المنهجية , قلنا ان الحلة كمدرسة فقهيه تعد من شواهد القرن السادس الهجري في بداياتها وهي الامتداد المعرفي لمدرسة بغداد , هذه المدرسة التي ارسى دعائمها الشيخ المفيد والسيدان : الشريف المرتضى والشريف الرضي ومن المعالم الاساسية لمدرسة بغداد التي أثّرت في مدرسة الحلة هي :
1_ نشأة الفقه في احضان الحديث فكانت فتاواهم نصوص احاديث والف الامامية كُتبٌا فقهيه لم تخرج في واقعها ان تكون احاديث مبوبة بحسب ابواب الفقه [43]فقد انتهج الفقهاء خطى المحدّثين في تقسيمهم من الطهاره الى الديات و المهم هنا هو تصدريهم للرسائل الفقهيه بالمقدمات الاعتيادية كما في ( المقنعة في الفقه )[44].
2_ التخصص في العلوم واستقلاليتها والتمايز بينها فقد بحثت الدروس الاصولية بمعزل عن الفقهيه
 ومن شواهدها : ( التذكرة بأصول الفقه للشيخ المفيد ) و ( الذريعة للسيد المرتضى ) .
3_ طابع ( المقارنة ) بين المذاهب الإسلامية المتعددة او حتى في المذهب الأمامي نفسه فظهرت النتاجات العلمية المقارنة : ( اوائل المقالات ) كتاب كلامي مقارن بين المذاهب الاسلامية وكذا ( الاعلام في ما اتفقت عليه الامامية من الاحكام , مما اجمعت العامة على خلافه ) على صعيد الفقه[45]  
4_ استحداث التفريعات في المسائل الفقهيه وظهور مصطلح (الاجماعيات) عند الامامية وذلك ما سجله السيد المرتضى في ( الانتصار ) .
المبحث الثاني
تأثّر الشهيد الأول بالمدرسة الحلّية
هيكلية هذا المبحث تنتظم في توطئة واربع مطالب :  
توطئة
يرى البحث في تصوراته العلمية وحسب الاستقراء التاريخي ان ( المدرسة العاملية ) يمكن ان تصبح عنوانا مستقلا في مراكز الحركة الفقهيه الاسلامية بعد ان شهدنا من عيون الطائفة الكثير من تلك البقعة ونشأوا النشأه العلمية فيها , بيد إن الباحثين اعتبروا الشهيد الاول مصداقاً من مصاديق مدرسة الحلة وهو ( رض ) تأثر بها واثر فيها ، وتأثره بها يتجسد في اقتفاء مسلك اساتذته وشيوخه من اقطاب هذه المدرسة .
المطلب الأول _ تأثره بالمحقق الحلي _ ( 602 _ 676 هـ ) :
يعد المحقق الحلي من اعلام الفقه الامامي في القرن السابع الهجري على الاطلاق وكل فقهاء المدرسة الحلية اللاحقون هم عيال عليه ومن اثار هذا المحقق الجليل : _ شرائع الاسلام في مسائل الحلال والحرام ( اشهر اثاره )
_ المختصر النافع   
_ المعتبر                                            
_ نكت النهاية
_ المعارج
اما الشرائع فهو من احسن المتون الفقهيه ترتيباً واجمعها للفروع فلذا اعتمد عليه الفقهاء منذ عصر مؤلفه فجعلوه محوراً لابحاثهم ودروسهم ولهم عليه شروحٍ كثيرة وحواش عديدة بل ان معظم الموسوعات الفقهيه التي الفت بعد عصر مؤلفه هي شروح عليه وقد قسم المحقق كتابه الى اربعة اقسام ونظم الابواب الفقهيه تنظيماً جديداً اخذ به فقهاء الامامية الى اليوم :
1_ العبادات
2_ العقود
3_ الإيقاعات
4_ الإحكام
المطلب الثاني _ دراسة في كتابه ( اللمعة الدمشقية ) :
كتب الشهيد الاول ( اللمعة ) من الطهارات الى الديات والقصاص واخذ يصوب اراء المتقدمين وينظر في ادلتهم واحياناً يضعف اقوالهم ثم يجمع الأحكام  في مسائل ويستطرد مسائل انفرد بها ولم يتعرض لها احد ممن تقدمه وعاصره [46] ويعد بيان اللمعة روعه في التعبير وجودة في سبك العبارات وتنويعها وتنسيق رائع لابواب الفقه واحكامه ومسائله فهو يبحث في ملحقاتها ومتعلقاتهاوحسب التصنيف : العبادات , العقود , الأيقاعات , الأحكام .
وقد اتبع الشهيد الاول في منهجية اللمعة اسلوب المحقق الحلي في تنظيم الابواب الفقهيه الذي استخدمه في ( المختصر النافع ) ايضا وهو مختصر لكتابه شرائع الاسلام وكان منهج المصنف مرتباً بصوره موضوعية فهو يعرض الاحكام العامة في الباب الفقهي ثم يعرض ما يتبعه من ملحقات ثم يتبعها بعرض المسائل المرتبطة بتلك الاحكام ثم يعرض المستحبات والمكروهات الخاصة بالباب[47].
ويعد كتاب (اللمعة ) من ارقى مصادر ( فقه الوفاق) بين المذاهب الأسلامية لكن ذلك لا يمنع من التركيز على اصالة التشيع والدفاع عن المبدأ الحق حيثما تحتم ذلك وعلى سبيل الأنموذج فقد ذكر المصنف رحمه الله : ( ومن نسب الى الشيعة تحريم لحم الجمل فقد بهت ) *
اشارة الى مفتريات مفادها ان الشيعة يحرمون لحم الجمل لأن عائشة ركبته إلى حرب علي في موقعة البصرة .                                            
لقد جمع كتاب اللمعة الى روعة التنسيق استيعاب لاطراف المسائل الفقهيه بايجاز في التعبير
ويعد كتاب اللمعة شاهداً ونتاجاً حياً لمدرسة القرن الثامن الهجري وقد تميزت هذه المدرسة بميزة مهمة هي التنظيم العلمي للافكار الفقهيه على شكل قواعد ومن سماتها المميزه هي تلك المنهجية المختصرة فكانت اللمعة رسالة فقهيه ملخصة جمع فيها المصنف ابواب الفقه ولخص فيها مسائله واحكامه وقد جمعت اللمعة بين الوجازة والاختصار وحسن التعبير وروعة التنسيق بين الابواب والاحكام والمسائل وقد استقصينا ابوابها فوجدنا :
_ الصياغة الرائعة للتعبيرات الفقهيه
_ التنظيم الفني للمسائل الفقهيه
ومن هذه الخصائص والميزات تكمن القيمة العلمية لكتاب اللمعة ولهذا فقد اتخذت كمقرر دراسي في الحوزات العلمية والمعاهد الاسلامية كما انها اعتبرت مثالاً حيأً للفقه الأمامي وقد وقع عليها الاختيار من قبل دار التقريب بين المذاهب الاسلامية في القاهرة .  وتعاهدها الفقهاء بالشرح ومن تلك الشروح :
 
_كتاب التحفة الغروية في شرح اللمعة الدمشقية للشيخ خضر بن شلال النجفي(ت1255 هـ / 1839 م )  
_ الانوار الغروية في شرح اللمعة الدمشقية للشيخ محمد جواد بن تقي بن محمد الأحمدي النجفي المشهور بــ ( ملا كتاب ) ( ت بعد 1267 هجري / 1851 م )  
_ الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية للشهيد الثاني : وهو اكثر هذه الشرح شهرةً وافضلها عمقاً
_ شرح والد صاحب الحدائق
_ شرح العالمة الاصفهانية بنت المولى الاصفهاني
المطلب الثالث _ تأثره بالعلامة الحلي :
يعد العلامة الحلي من اعلام الفقه الاسلامي الامامي في القرن الثامن الهجري ليس على صعيد المدرسة الحلية حسب بل انه استاذ الفقهاء ويكفي في فضله انه انجب فقيهاً قديراً بقامة ( فخر المحققين ) نجله ونشّأ جيلاً اجتهادياً نظراء الشهيد الاول وقد خلف اثار قيمة منها  :
_ تذكرة الفقهاء
_ القواعد
_ منتهى المطلب في تحقيق المذهب                
_ المختلف
والذي يهمنا هنا في مبحثنا هذا هما : ( التذكرة ) و ( المختلف )
فالتذكرة من اضخم كتب الامامية في الفقه الاستدلالي المقارن يبدء من الطهاره وحتى كتاب النكاح
اما كتاب المختلف فقد بحث فيه المسائل الخلافية بين فقهاء الشيعة بصورة مستقلة أي انه فقه مقارن ضمن المذهب الامامي فقد كثر الاختلاف العلمي بين فقهاء الامامية نتيجة ابتعادهم عن عصر النص او اختلافهم في فهم النص وتفاوتهم في الايمان بسلامة بعض الروايات سنداً او دلاله فكان لابد للفقيه من الاحاطة والاستيعاب لمختلف وجوه الرأي في المسألة الواحده من اجل استنباط الحكم وكان كتاب (المختلف )من المحاولات الرائدة في جمع المسائل المختلف فيها بين علماء الامامية [48] .
وتأثير العلامة الحلي جليّ غنيّ عن البيان مؤكد من خلال منهج ( المقارنة ) الذي طبع نتاجات الشهيد الأول ونظرياته ولا سيما مع المذاهب الاسلامية الاخرى .
نموذج تطبيقي : ( كتاب القواعد والفوائد )
لا ريب ان القواعد تكمن في بعدين :
_ القواعد الأصولية
_ القواعد الفقهية :
 وهي ما تشغل اهتمامنا في مباحثنا هذه , انها ( الاحكام التي تندرج تحت كلٌ منها مجموعة من المسائل الشرعية المتشابهه من ابواب شتى )[49]  وتعد تلك من مقدمات المجتهد واليات الاجتهاد فمن الضرورة بمكان البحث حولها والتاكيد عليها في هذا النطاق كان الشهيد الاول مبادراً حيث كتب ( القواعد والفوائد ) ولم يقتصر في كتابه هذا على القواعد بل استشف منها واستخرج مئة فائدة وقد ضمت هذه الفوائد: اللغوية والاصولية والنحوية،والمهم انه كتبها باسلوب منهجي غير ا ن الاهم بدراسته هذه هو اتخاذ طابع ( المقارنه ) أي موازنته للقواعد الفقهيه لدى المذاهب الاسلامية الاخرى مع مذهبه فلم يقتصر على رأي الاصحاب فقط وذلك فيه من الحداثه شيء متميز ومن البحث المنهجي اصالته وما اريد التركيز عليه ان منهج (المقارنة) احد اهم دعائم الوحده الاسلامية والتقريب بين المذاهب بعد ان روى عن نحو اربعين من علمائها كما يذكر ( رض ) عن اجازته لابن الخازن :
( وأما مصنفات العامة ومروياتهم فأني اروي عن نحو اربعين شيخاً من علمائهم بمكة والمدينة ودارالسلام بغداد ومصر ودمشق وبيت المقدس ومقام الخليل ابراهيم _ ع _[50] وريادته في الاسلوب المنهجي في كتابته والتنظير لهذا الاختصاص الضخم فهو يصف كتابه لتلاميذه من خلال بعض اجازاته ( انه لم يعمل الاصحاب مثله ) [51]ولهذا فان كثيراً من التالين له من الفقهاء والمجتهدين تعاقبوا عليها بالشرح والتعليق .  
ونحن نختلف مع بعض الباحثين [52]الذين ذهبوا الى اسبقية الشهيد الاول في هذا المضمار فقد كانت جهودٌ متقدمة عليه كقواعد العلامة الحلي ونجله فخر المحققين في كتابه الفقهي : إيضاح الفوائد في شرح إشكالات القواعد فقد كانت لهما الريادة في التأسيس ولكن بصورة غير منهجية .  
وأذا توخينا المعنى الدقّي من تأثير العلامة الحلي في الشهيد الاول فانه يتجسد في تأثير فخر المحققين من خلال تلمذة الشهيد الاول عليه وتلمذة فخر المحققين على والده العلامة الحلي .
المطلب الرابع _ تأثير السيدين العميديين في الشهيد الأول :
السيدان العميديان : ابو عبد الله عميد الدين عبد المطلب بن محمد بن علي بن الاعرج العميدي الحسيني الحلي ( 681 _ 754 هـ / 1282 _ 1352 م )
وضياء الدين عبد الله اخو السيد عميد الدين وهما ابنا اخت العلامة الحلي ومن ابز تلامذته وقد شرح السيد عميد الدين كتاب خاله العلامة الحلي في علم الاصول : ( تهذيب طريق الوصول الى علم الاصول ) والمعروف بـ ( تهذيب الاصول ) و بـ ( تهذيب الوصول ) ويصطلح على شرح السيد هذا بـ ( شرح العميدي ) وكان من الكتب المنهجية المقرره دراسياً في مدرسة النجف لدراسة علم اصول الفقه[53]
وللسيد ضياء الدين اخيه شرح ايضاً على كتاب خاله العلامة السالف الذكر. ومن تاثر الشهيد الاول باستاذيه السيدين فقد جمع بين شرحيهما واسماه ( جامع العين من فوائد الشرحين ).
تعقيب ومناقشة
وعلى وجه العموم فان لمحات تاثر الشهيد الاول بالمدرسة الحلية وعلى الخصوص بأساتذته المبرزين :
1_ التجديد في مناهج الفقه واصوله : من حيث الصياغة الفنية للمسائل الفقهيه والتبويب المنهجي للابواب الفقهيه والتنظيم الفني لتلك المسائل .
2_ التركيز على منهجية ( المقارنة ) سواء على صعيد الفقه الامامي او على صعيد المدارس الفقهيه للمذاهب الاسلامية الاخرى وهي من معالم التقريب ودعائم الوحده .
3_ التقسيمات الجديدة للابواب الفقهيه .         
4_ بروز المدونات الفقهيه الكبيرة ( الموسوعات ) ومن ثم المختصرات الوافيه ) الاستيعابية مثل ( اللمعة الدمشقية ) .
المبحث الثالث
تأثير الشهيد الأول في تلامذته
توطئة
تلامذة الشهيد الأول حينما يستعرضهم البحث ليس على سبيل التعداد ولكن من قبيل الأستشهاد وقد أحصاهم بعض الباحثين فكانوا 32 عالما ومجتهدا وقد ذكرنا في ما سبق ان شهيدنا الأول لم يكن استاذا وانما رائد مدرسة فقهية تأصيلية وصاحب مشروع ناهض وذو خط فكري موسوعي وكان ثمة تلامذة وطلبة اينما حلّ الشهيد في رحلاته وهجراته وقد بان تأثرهم الواضح بأستاذهم من خلال اجازاته وتراثه الفكري وتراثهم حيث يشيد ب(ابن نجده ) و(ابن الخازن ) وغيرهما . على اننا نلمس تاثيره الفاعل في اثنين منهما من خلال نتاجاتهما وذلك مانوضحه في المطلبين الأتيين :
المطلب الأول _المقداد السيوري (ت 826 ه)
من ابرز فقهاء القرن التاسع الهجري ، بلغ من تاثير استاذه به ان هذب قواعده بكتاب (نضد القواعد الفقهية لدى مذهب الأمامية )* يشتمل على ترتيب كتاب القواعد والفوائد لأستاذه فهو يرتب ابواب الفقه والأصول ضمن ضوابط اصولية كلية او فرعية تستنبط منها الأحكام الشرعية يقول في سبب تأليفه:
(كان شيخنا الشهيد الأول قد جمع كتابا يشتمل على قواعد وفوائد في الفقه تأنيسا للطلبه بكيفية استخراج المعقول من المنقول وتدريبا لهم في اقتناص الفروع من الاصول لكنه غير مرتب ترتيبا يحصله كل طالب وينتهز فرصته كل راغب فصرفت عنان العزم الى ترتيبه وتهذيبه وتقريبه )**
المطلب الثاني  _ ابن النجار :
هو جمال الدين احمد ، لقد تاثر هذاالتلميذ بأستاذه فعمد الى جمع تحقيقات شيخه الشهيد الأول ونظرياته في الفقه بكتاب (حاشية على قواعد العلامة )  
 
              المبحث الرابع
       ثأثّر الشهيد الثاني بالشهيد الأول
ان مفاصل هذا المبحث وفق المطالب الأتية :
 المطلب الأول _ دراسة في كتابه( الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية ) :
يعد الشهيد الثاني من ابرز فقهاء المدرسة الامامية في القرن العاشر الهجري والتي كان من اعلامها ايضاً المحقق الكركي والمقدس الاردبيلي وأما كتابه الروضة فهو شرح مزجي استدلالي مختصر خطى فيه الشهيد الثاني خطى الشهيد الاول في الاختصار والشمول حيث التزم باختصار العبارة وقوتها وسلاستها مع حسن التعبير والاشاره في اكثر الاحيان الى الدليل وبعض الاراء الفقهيه التي لها اهميتها ومناقشة اجتهادات الشهيد الاول وابداء ما توصل اليه اجتهاده في المسائل الفقهيه ولذا اصبحت له مكانه مرموقه بين الكتب الفقهيه قأقبل على دراسته والاعتناء بشأنه العلماء منذ تاليفه فشرحوه وعلقوا عليه  
وأما منهجيتها فقد وصفها الشهيد الثاني بنفسه :
( هذه تعليقه لطيفة وفوائد خفيفة اضفتها الى المختصر الشريف والمؤلف المنيف المشتمل على أمهات المطالب الشرعية الموسوم باللمعة جعلتها جارية لها مجرى الشرح الفاتح لمغلقه والمقيد لمطلقه والمتمم لفوائده والمهذب لقواعده )[54]  
والروضه تسير على طريق استخدام قوة التعبير والإشارة إلى الدليل وعرض الاراء الفقهيه ثم نقد اراء الشهيد الاول واظهار رأي الشارح .
أرتفعت الروضة عن الفتوى الى شيئ من الأستدلال على الأحكام فهو فوق سرد الفتوى ودون التبسط في الدليل والأستدلال وهو بالنسبه الى كتب الشيعة المبسطة في الأستدلال والتشقيق العلمي والتفريع اقل من مختصر وفي هذا الكتاب تخطيط اجمالي من مخطط عام من فقه الشيعة الأمامية .
وفيه من التعابير العلمية مما يضيق به افهام الكثيرين الذين لم يألفوا الكتب الأستدلالية وكشاهد على ذلك باب( المواريث ).
 
وشارح اللمعة(رض) ادرج اسماء من اعلام الشيعة في مواضع من الكتاب في المسائل الخلافية امثال : الصدوق والمفيد والمرتضى والشيخ وابن ادريس والطبرسي وابن جنيد وسالار والمحقق والعلامة وابنه وابن طاووس وغيرهم كثير ممن ذكر اسمائهم كموافقين له او مخالفين في المسائل الخلافية وقد اعترض بعبارات حادة على ابن الجنيد وكذلك على ابن ادريس [55]
والروضة تسير على طريق استخدام قوة التعبير والأشارة الى الدليل وعرض الأراء الفقهية ثم نقد اراء الشهيد الأول واظهار رأي الشارح .
ومن المفيد ان نعرض نموذجاً بقلمه حيث يذكر وجوب التيمم بالتراب الطاهر والحجر :
( يجب التيمم بالتراب الطاهر والحجر لانه من جملة الارض اجماعاً والصعيد المأمور به وجهها ولانه تراب اكتسب رطوبة لزجه وعملت فيه الحرارة فافادته استمساكاً ولا فرق بين انواعه من رخام وبرام وغيرهما خلافاً للشيخ الطوسي حيث اشترط في جواز استعماله فقد التراب اما المنع منه مطلقاً فلا قائل به ومن جوازه بالحجر يستفاد جوازه بالخزف بطريق اولى لعدم خروجه بالطبخ عن اسم الارض وان خرج عن اسم التراب كما لم يخرج الحجر مع انه اقوى استمساكاً منه خلافاً للمحقق في المعتبر محتجاً بخروجه مع اعترافه بجواز السجود عليه وما يخرج عنها بالاستحاله يمنع من السجود عليه وان كان دائرة السجود اوسع بالنسبة الى غيره [56]
ونستلهم من هذا النص طبيعة المنهج الذي سلكه الشهيد الثاني في الروضة ومنها:
 أولا_ الاستدلال بالنص على جواز التيمم بالحجر حيث ذكر النص القرآني ( فتيمموا صعيداً طيبا ) النساء (43 )مستدلاً على ان الصعيد وجه الارض
ثانياً _ الاستدلال بالعقل : مشيراً الى انه تراب اكتسب رطوبة لزجة وعملت فيه الحرارة فافادته استمساكاً .
ثالثاً_ الاستدلال بالاجماع : فقد استدل بالاجماع على انه من جملة الارض .
رابعاً _ التعدي عن مورد النص من جواز التيمم بالحجر الى جواز التيمم بالخزف لعدم خروج الخزف بالطبخ عن اسم الارض وان خرج عن اسم التراب .
خامساً : ناقش رأي المحقق الحلي الذي يقول بخروج الخزف من الارض وعدم صدقها عليه بسبب الطبخ فتساءل الشهيد الثاني كيف يخرج المحقق الخزف من عنوان الارض في الوقت الذي يجوز فيه السجود على الارض فأن ما يخرج عن الارض في الاستحالة يمنع من السجود عليه .  
المطلب الثاني _ تصنيفه في القواعد الفقهية  [57]
تطرقنا في بحثنا هذا في ماسلف الى  القواعد الفقهية والتقعيد المنهجي للشهيد الأول في هذا المجال وقد اقتفى اثره الشهيد الثاني حيث صنف (تمهيد القواعد الأصولية والعربية لتفريع فوائد الأحكام الشرعية)* وهو مطبوع
ينقسم هذا الكتاب الى قسمين :
_ القسم الأول _ القواعد الأصولية : ويتضمن مئة قاعدة وما يتفرع عنها من احكام
_ القسم الثاني _ القواعد العربية : ويتضمن مئة قاعدة من القواعد العربية                           
 المطلب الثالث _ شروحاته لتصانيف الشهيد الأول
اولا _ شرح الألفية : وقد شرحها ثلاثا الشرح الكبير والوسيط والصغير
ثانيا _ شرح النفلية : شرح مزجي مختصر يذكر اسمه (الفوائد الملية في شرح النفلية ) وتشتمل النفلية على ثلاثة الأف نافلة من مستحبات الصلاة احصاها الشهيد الأول كما ذكرها – أي النفلية _ في اجازته لأبن الخازن [58]
المطلب الرابع : شرحه لـ(شرائع الإسلام )
القاسم المشترك الأعظم بين الشهيدين هو المحقق الحلي وقد لاحظنا مدى تأثير المحقق في كل منهما من خلال خطهما الفكري ونظريتهما الفقهية .
يعدّ الشهيد الثاني أخر دور ( الأستقلال والتكامل) في الفقه الأمامي الأسلامي الذي يبدأه المحقق الحلي في منتصف القرن السابع الهجري ويستمر هذا الدور حتى نهاية القرن العاشر الهجري (زمن الشهيد الثاني ) وهذا التقسيم والتصنيف بحسب بعض مؤرخي الفقه الأسلامي  [59]
الشهيد الثاني قام بشرح كتاب ( شرائع الإسلام ) للمحقق شرحا مزجيا اسماه (مسالك الأفهام في شرح شرائع الأسلام ) وقد اراد الشهيد الثاني ان يكون مختصرا وهذا ما نهجه في بدايات الكتاب غير انه اخذ يطيل فيه ويتوسع حتى غدا مجلدين بالطبعة الحجرية [60]
المطلب الخامس _ فقه الوفاقيات
 على مائدة ( اللمعة الدمشقية ) اجتمع الشهيدان ( المصنف والشارح) (رض) وفي اللمعة من فقه الوفاق شيء كثير ، ومن مفارقات الدهر إن الشهيدين كانا برغم ذلك ضحية التعصب الطائفي المقيت والسياسة الأقصائية البلهاء .
لم يكن الوفاق عندهما مرتجلا أو عاطفة او حديثا عابرا وإنما هو نظرية لها مرتكزاتها ومواضعاتها وقد سلك الشهيدان في ذلك طريق ذات الشوكة حيث :
1_ هجراتهما ورحلاتهما المتكررة الى الحواضر الأسلامية كافة .
2_ تتلمذهما على شيوخ المذاهب واقطاب المدارس الفقهية الأسلامية .
3_ أجازاتهما _ نتيجة لجهودهما وجهادهما _ من قبل الفقهاء والمحدثين المسلمين .
4_ منهجية(المقارنة ) وهي ارقى واروع مابلغه الفقه الأمامي من تنظير وتطبيق ومن دراسة وممارسة
5_ تدريسهما وافتائهما وفق المذاهب الخمسة وهذا منتهى التجدد والتغيير ، فنحن تارة نتحدث عن اجتهاد مطلق في الشريعة الأسلامية ولكن يوجد مجتهدو مذاهب ، يوجد مجتهدون في مذهب الشيعة الأمامية ومجتهدون في مذهب الشافعية ، ان رواية اغلاق باب الأجتهاد المشهورة عن السنة انما هي قضية الأقتصار على المذاهب الأربعة  [61]
فمن الأرهاصات الحداثوية والرؤى العصرية لمنظومة ( الأجتهاد )، الدعوة الى الأجتهاد الأسلامي المطلق وليس الأجتهاد المذهبي المقيد وهذه الأطروحة جسدها واقعا الشهيد الثاني بموضوعية في بعلبك حينما كان يدرس الفقه على المذاهب الخمسة .
ان مشروع ( الفقه المقارن ) يعد اليوم من اولويات مشاريع التوحد والتقارب المذهبي . ونحن اليوم في مسيس الأحتياج الى الأجتهاد الأسلامي المطلق وذلك ماشخصه الشهيدان .
لقد اورث العامليان الشهيدان نزعتهما الايجابية التقريبية ورؤاهما الوحدوية الى خلفهم من رموز المدرسة العاملية والى زماننا المعاصر نظراء : السيد عبد الحسين شرف الدين ، السيد المغيب السيد موسى الصدر والشيخ عبد الله السبيتي وغيرهم .[62]
 
 
الخلاصة والنتائج
في مختتم هذه الجولة المباركة ، في رحاب الشهيدين اثرا والفقه الأسلامي درسا والتاثير علاقة ، ينبغي ان ندون للبحث خاتمة وللمواضيع نتيجة :
1_ (جبل العلماء) جبل عامله ، موئل الشهيدين ومنطلق رسالتهما ، كان حاضرة فقهية حتى انه صلى على جنازة ( ست المشائخ ) كريمة الشهيد الأول سبعون مجتهدا
2_ الشهيدان : انعطافة استثنائية في تاريخ الفقه الأسلامي وهما اخر دور عصر ( الأستقلال والتكامل) فقهيا .
3_ عصرهما عصر احتلال ومقاومة احتلال فمن حملات التتر الى الحروب الصليبية الى المماليك حتى الأحتلال العثماني واما الحياة الأجتماعية والأقتصادية فهي مجرد كوارث .
4_ رصد البحث قواسم مشتركة عديدة بين الشهيدين .
5_ استدرك البحث على هنات المؤرخين وفوات المترجمين لسيرتهما .
6_ الهجرات العلمية والرحلات الفكرية كانتا سمه اساسية من سمات النشأة الفقهية لهذين الفقيهين الخالدين .
7_ المدرسة الحلية الفقهية تبلورت في مرحلة انتقالية نتيجة لعوامل معينة انتقلت خلالها المؤسسة الدينية والمرجعية من النجف الأشرف الى الحلة التي اضحت بعد ذلك موطنا علميا للشهيد الأول .
8_ تنوعت مصادر دراستهما في الحواضر الأسلامية كافة فمن مواطنهم : جزين وجبع الى الحلة وبغداد وبيت المقدس ومقام ابراهيم (ع) الى مصر ومكة المكرمة والمدينة المنورة وحتى القسطنطينية .
9_ تشكيل البعد الموسوعي في الشخصية المعرفية لهما مع غزارة النتاجات العلمية فلم تقتصر تلك على العلوم الأسلامية والأدبية حسب وانما تخطت الى العلوم الصرفة : الطب، الجبر ، الهندسة ، الفلك  .
10_ الشهيدان : من السباقين القلائل والمبادرين الأوائل في التلقي عن مشيخة المذاهب الأسلامية واقطاب مدارسها العلمية والفقهية بحيث نصّ الشهيد الأول : ( أروي عن نحو أربعين شيخا منهم ) .
11_ ارتأى البحث ان اثار الشهيد الأول تتجلى في :
أ _ تلامذته وهم كثيرون بلغوا اثنين وثلاثين عالما كبيرا يشكلون مدرسته الفقهية السيّارة .
ب_ نتاجاته ومصنفاته : لقد احصاها البحث فكانت ثلاثين مابين كتاب او رسالة او اجوبة لمسائل وتتباين مابين تخصصية فقهية واسلامية عامة
ج_ اجازاته : وهي متميزة كمّا وكيفا ولا سيما من اقطاب المذاهب الأخرى استجازهم فأجازوه واثنوا عليه ثناءا عاطرا .
12_ اثار الشهيد الثاني متعددة الجوانب وواسعة الأطياف منها :
أ_ طلبته والراوون عنه وهم اكثر من ان يحصون غير انا ذكرنا منهم بحكم اطلاعنا المتواضع .
ب_ مؤلفاته ومصنفاته وقد عدّها البحث فكانت ستا وستين كتابا .
ج_ اجازاته : سواء المتحصلة من شيوخه واساتيذه ولا سيما في مصر او اجازاته الممنوحة من قبله الى طلابه .
13_ المرجعية ( الجهاز ) تبلورت على يد الشهيد الأول في واحدة من انفراداته الجريئة محدثة نقلة نوعية في كيان المؤسسة الدينية الشيعية .
14_ تصدي الشهيد الأول للأفكار المبتدعة والحركات الداخلية الهدامة والضلالات الشاذة مثل فتنة( اليالوش ).
15_ الفقه السياسي : تنظيرا وتطبيقا ، دراسة وممارسة منجز عندهما وهو من البواعث المؤكدة على اغتيالهما الأغتيال السياسي ، المذهبي ، الفكري .
16_تجسيدا للخطاب الأسلامي مع الأخر نحو ( الكلمة السواء ) فقد انفتح الشهيدان على كل الوجودات الدينية ، السياسية ، الأجتماعية والعلمية وفي مختلف البلدان الأسلامية مؤكدين بذلك مرتكزات
( التقريب ) ودعائم ( التوحيد ) .
17_ ( المقارنة ) كمنهجية علمية تألقت كأرهاصات حداثة وتجديد لأثارهما حتى ان الشهيد الأول في توصيف ( القواعد والفوائد ) يذكر : ( انه لم يعمل الأصحاب مثله ) .
18. الأثر والتأثير : مادة البحث وصلب الدراسة ،كان ثنائية تفاعلية تجلت في :
أ_ تأثر الشهيد الأول بأساتذته الحليين من فقهاء المدرسة العتيدة نظراء : فخر المحققين والسيدين
العميديين وقطب الدين الرازي وابن معية وبالتالي تأثره باساتذة هؤلاء امثال : المحقق والعلامة .
ب_ تأثير الشهيد الأول في تلامذته : المجتهده كريمته ( ست المشائخ ) ، ابن الخازن ، ابن نجده ، المقداد السيوري ، ابن النجار وذلك على سبيل الأستشهاد لا التعداد .
ج_ تأثر الشهيد الأول بالشهيد الثاني : اتضح من خلال رحلاته المتكررة ودعوته الى التقريب والتوحيد وسلوكه منهجية ( المقارنة ) اضافة الى شروحاته وتعليقاته على مصنفات الشهيد الأول كما ويتضح هذا الأعتبار من تأثير المدرسة الحلية والشواهد عديدة : الروضة البهية / تمهيد القواعد / مسالك الأفهام .
د_ تأثير الشهيد الثاني في طلبته : وهم بذلك قد اثروا المكتبة العربية والأسلامية ومنهم على سبيل الأستطلاع : الشيخ حسين عبد الصمد ( والد شيخنا البهائي ) ، ابن العودي ،السيد جمال الدين الموسوي ( من اجداد ال الصدر).
19_ على مائدة ( اللمعة ) التقى الشهيدان ( المصنف والشارح ) فكانت اروع نتاج فقهي منهجية واسلوبا وتبويبا خلدت مع تعاقب الأيام كمقرر دراسي في الحوزات والمعاهد الأسلامية الأمامية .
20_ ( فقه الوفاق ) فقه الشهيدين جعل من الشهيدين العامليين من ابرز دعاة التوحيد ورواد التقريب .
21_ ( الأجتهاد الأسلامي المطلق ) من شواخصه المثلى الشهيدان العامليان وليس( الأجتهاد المذهبي المقيد ) كما نراه اليوم عند المذاهب الأسلامية .
22_ مأساة الشهيدين في كيفية اعتقالهما والية اغتيالهما من المفارقات المؤلمة والشجية فقد راحا ضحية التعصب الطائفي المقيت والسياسة  المذهبية العمياء والحكم التسلطي الأحادي .
          
 آملين السير على طريقهما المبارك ( طريق ذات الشوكة )ومنه سبحانه وتعالى نستمد الاعتصام والحمد لله في المطلع والختام .
والله خير موفق ومعين
المصادر والهوامش
 خير ما نبتدىء به : القرأن الكريم
1. الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية : زين الدين الجبعي العاملي ( الشهيد الثاني )
اصدارات دار التقريب بين المذاهب الأسلامية في القاهرة / نشر :مركز انتشارات دفتر تبليغات اسلامي حوزة علمية قم .
2. الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية : زين الدين الجبعي العاملي ( الشهيد الثاني )
منشورات جامعة النجف الدينية / ط1/1386
3. تاريخ جبل عامل : محمد جابر ال صفا _ دار النهار للنشر _ بيروت _ط 2
4. امل الآمل : الشيخ محمد بن الحسن بن علي ( الحر العاملي ) تح : احمد الحسيني / مطبعة الأداب النجف الأشرف / ط1
5. نهج البلاغة : جمع الشريف الرضي / شرح أبن أبي الحديد ألمعتزلي / دار احياء التراث العربي
6. موسوعة الأمام المغيب السيد موسى الصدر : مركز الأمام موسى الصدر للدراسات / بيروت
7. موسوعة ( محمد باقر الصدر : السيرة والمسيرة في حقائق ووثائق ): احمد عبد الله ابو زيد العاملي / دار العارف للمطبوعات 2007/ بيروت
8. بيروت ودورها الجهادي من الفتح الأسلامي حتى نهاية العهد العثماني : د . حنان قرقوتي / دار الكتب العلمية / بيروت 2003 م
9. خطط جبل عامل : السيد محسن الأمين/ الدار العالمية بيروت 1983 .
10.                      مقالات المؤتمر العالمي لتكريم الأمام عبد الحسين شرف الدين ( ج1 ،ج2) : منشورات الأمانة العامة لمؤتمر تكريم الأمام شرف الدين / قم 2005 .
11.                      جهود الشيخ المفيد الفقهية ومصادر استنباطه : صاحب محمد حسين نصار / إصدارات مركز انتشارات دفتر تبليغات اسلامي حوزة علمية قم / قسم الفقه والحقوق .
12.                      مجلة دراسات وبحوث :جماعة العلماء المجاهدين في العراق /العدد 2السنة الأولى صفر 1402 ه _ كانون الأول 1981م.روضات الجنات ( ج7 ) : الميرزا محمد باقر الخوانساري /طبعة قم 1392 ه
13.                      (المرجعية والأمة : العلاقات المتبادلة ):د. نوري الساعدي / نشر جامعة الأمام الصادق (ع) بغداد 20006 م.
14.                      المحنة : الشهيد السيد محمد باقر الصدر / تسجيلات بصوته الشريف 1979 م.
15.                      محنتنا على لسان الشهيد الصدر : الشيخ هادي الخزرجي / مطبعة قم ط1 / رجب 1418ه.
16.                      الشهيد الأول فقيه السربداران : محمد حسين الأماني / ترجمة : كمال السيد / مطبعة صدر _ قم / الناشر مؤسسة انصاريان 1415 ه_ 1995 م .
17.                      دائرة المعارف الأسلامية الشيعية : حسن الأمين / دار التعارف بيروت.
18.                      مدرسة النجف وإبعادها العلمية والفكرية : وليد عبد الحميد الأسدي /رسالة دكتوراه من معهد التاريخ العربي والتراث العلمي بغداد 2002 م .
19.                      القواعد والفوائد ( مجلدان ) : محمد بن مكي العاملي ( الشهيد الأول ) /تح : د. السيد عبد الهادي الحكيم / مطبعة الأداب النجف الأشرف 1980 م.
20.                      تراثنا : دورية تصدرها مؤسسة ال البيت لاحياء التراث / قم المقدسة / العدد الأول والثاني السنة الثانية والعشرين 1427 محرم _ جمادي الأخرة.
21.                      المقنعة في الفقه : الشيخ محمد بن محمد النعمان ( الشيخ المفيد ) / مخطوطة مصورة في مكتبتي الخاصة بالنجف الأشرف .
22.                      شرائع الأسلام في مسائل الحلال والحرام : المحقق الحلي / تقديم السيد محمد تقي الحكيم / طبعة محققة اولى مطبعة الأداب  النجف الأشرف 1969 م .
23.                      سمط النجوم العوالي : عبد الملك بن حسين العصامي المكي / ج3 .
24.                      موسوعة الفقه الإسلامي طبقا لمذهب أهل البيت : مؤسسة معارف الفقه الإسلامي / الناشر مؤسسة دار المعارف 2002 م.
26.الاجتهاد والحياة : مجموعة مؤلفين / مركز الغدير للدراسات الإسلامية / مطبعة فروردين 1997م . 
وأخر دعوانا إن الحمد لله ربّ العالمين


[1] - مركز الأمام الصدر للدراسات : موسوعة الأمام المغيب السيد موسى الصدر . بيروت
 
[2] - عبد الله السبيتي : مقدمة الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية ،إصدارات دار التقريب بين المذاهب الإسلامية في القاهرة ، مركز انتشارات دفتر تبليغات حوزة علمية قم .
[3] - محمد مهدي الاّّّّّّّصفى: تقديم الروضة البهية قي شرح اللمعة الدمشقية ، ج 1 ص 77منشورات جامعة النجف الدينية. 1386 هجري .
 
                  [4]- مركز الأمام الصدر للدراسات: موسوعة الأمام موسى الصدر
[5]- السيد محسن الأمين: خطط جبل عامل
[6]- محمد جابر ال صفا : تاريخ جبل عامل ص 225 دار النهار للنشر بيروت ط 2
[7]- مركز الأمام الصدر للدراسات: موسوعة الأمام موسى الصدر
                  [8] - السيد محسن الأمين : خطط جبل عامل
                  [9]- ابن ابي الحديد المعتزلي : شرح نهج البلاغة .
[10]- الشيخ محمد بن الحسن بن علي الحر العاملي : أمل الأمل ، تحقيق احمد الحسيني ، ط1 مطبعة الأداب النجف الأشرف .
[11]- د. حنان قرقوتي : بيروت ودورها الجهادي من الفتح الأسلامي حتى نهاية العهد العثماني ،دار الكتب العلمية , بيروت 2003 ميلادي .
[12]- احمد عبدالله ابو زيد العاملي : موسوعة محمد باقر الصدر السيرة و المسيرة في حقائق و وثائق ج 1 دار العارف للمطبوعات ، 2007 ميلادي.
[13]- م ن .
                  [14]- م ن .
[15]- محمد جابر أل صفا : تاريخ جبل عامل + الأمانة العامة للمؤتمر العالمي لتكريم الأمام شرف الدين / الدكتور محمد شرف الدين :السيد شرف الدين والمذهب الجعفري في صور، مقال في ج2 -ص263 ، منشورات الأمانة العامة للمؤتمر ، قم 2005 ميلادي ..
               [16]-  السيد محسن الأمين: خطط جبل عامل ص309 الدارالعالمية بيروت 1983 ميلادي.
              [17]- حسن البغدادي : جبل عامل واثراء ثقافة اهل البيت ونشر علومهم / مقال في المؤتمر العالمي لتكريم الأمام شرف الدين ج1ص80 .
               [18]- م.ن : ج2 ص264
 [19]- صاحب محمد حسين نصار : جهود الشيخ المفيد الفقهية ومصادر استنباطه ،ص 24 من اصدارات مركز انتشارات دفتر تبليغات قسم الفقه والحقوق +ع . نجف : التطور السياسي في القيادة الشرعية في عصر الغيبة الكبرى / مقال في مجلة دراسات وبحوث ص 45 العدد 2سنة الأولى صفر 1402 / كانون الأول 1981 ميلادي .
[20]- ع نجف : التطور السياسي
[21]-   حسن الأمين : دائرة المعارف الأسلامية الشيعية ج3 / 451 دار التعارف بيروت + وليد عبد الحميد الأسدي : مدرسة النجف وابعادها العلمية والفكرية في العهد العثماني ، رسالةدكتوراه من معهد التاريخ العربي والتراث العلمي ، بغداد 1422 هجري / 2002م
[22] - م ن
             [23]- ع نجف : التطور السياسي
 
[24]- محمد مهدي الأصفي : تقديم الروضة البيهة + محمد حسين الأماني: الشهيد الأول فقيه السربداران / ترجمة كمال السيد ،ص 92، مطبعة صدر_ قم ، الناشر مؤسسة انصاريان 1415 هجري 1995 ميلادي .
                  [25]- عبد الله السبيتي : مقدمة الروضة البهية
[26]- محمد مهدي الأصفي: تقديم الروضة البيهة + محمد حسين الأماني: الشهيد الأول فقيه السربداران
 
[27]- عبد الملك بن حسين العصامي المكي : سمط النجوم العوالي / ج3 ص407
                  [28]- محمد مهدي الأصفي: تقديم الروضة البهية ، نقلا عن فيليب حتى : تاريخ سوريا ولبنان وفلسطين.ج 4 ص274
* اليالوش : حركة هدامة انتشرت بين السذج واججها نفر من المشعوذين سالكين بدعة جديدة ايام الشهيد الأول في جبل عامل وهي نسبة الى محمد اليالوش وقيل انه كان من    تلامذة الشهيد . لاحظ في ذلك : الخوانساري :روضات الجنات ، ج 7 ص 20 ط قم 1392 ه.ق.
 
[29]- د. نوري الساعدي : المرجعية والأمة العلاقات المتبادلة ص 3 _ص18 نشر جامعة الأمام الصادق بغداد 2006 م
                 * الشهيد محمد باقر الصدر : المحنة ، تسجيلات بصوته الشريف كمحاضرات عرفانية اخلاقية
                الشيخ هادي الخزرجي : محنتنا على لسان الشهيد الصدر ص38_ 39 مطبعة قم ط 1 ، رجب 1418هجري .
[30]- محمد حسين الأماني: الشهيد الأول فقيه السربداران ص 88 . ونص الشعار بالفارسية : (سربه دارمي دهيم امازير بارننك نمي رويم )
*بيهق : هي مدينة سبزوار من مقاطعة خراسان حاليا
** الموت شنقا افضل من الحياة ذلا
[31]- ذكر في شرح اللمعة الدمشقية :انه السلطان مؤيد الدين محمد الأوي صاحب خراسان ولعله تصحيف من ( علي ابن مؤيد صاحب خراسان ) انظر في ذلك :
عبد الله السبيتي : الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية . ج 1 ص ل
وذكره الشيخ الأصفي : ( الشيخ محمد الأوي وزير علي بن مؤيد )
انظر في ذلك : محمد مهدي الأصفي: تقديم الروضة البهيةج 1 ص 101
[32]- محمد مهدي الأصفي: تقديم الروضة البهيةج1 ص132
[33]- المؤتمر العالمي لتكريم الأمام شرف الدين : مجموعة مقالات ج 1ص80
[34]- محمد حسين الأماني : الشهيد الأول فقيه السربداران.
[35]- المؤتمر العالمي لتكريم الأمام شرف الدين.
[36] - محمد مهدي الأصفي: تقديم الروضة البهيةج1
[37]- م ن ص 135- 137.
[38]- محمد مهدي الأصفى: تقديم الروضة البهيةج1ص 178
[39]- المؤتمر العالمي لتكريم الأمام شرف الدين : مقال بعنوان جبل عامل وإثراء ثقافة أهل البيت ونشر علومهم ج1 ص 82
[40]- 119 _ م ن                                   
[41]-  عبد الله السبيتي : مقدمة الروضة البهية ج1ص ق
[42]- الشيخ محمد بن الحسن بن علي الحر ألعاملي : أمل الأمل ، تحقيق احمد الحسيني ، ط1 مطبعة الآداب النجف الأشرف 1/ 193 - محمد مهدي الأصفى: تقديم الروضة البهيةج1ص 112 - احمد عبد الله ابو زيد ألعاملي : موسوعة محمد باقر الصدر السيرة والمسيرة في حقائق ووثائق
[43]- وليد عبد الحميد ألأسدي : مدرسة النجف وإبعادها العلمية والفكرية في العهد العثماني ، رسالة دكتوراه من معهد التاريخ العربي والتراث العلمي ، بغداد 1422 هجري / 2002م
تراثنا : مجلة فصلية تصدرها مؤسسة إل البيت لأحياء التراث في قم المقدسة العدد الأول والثاني 85 و86 السنة الثانية والعشرون 1427 هجري محرم / جمادي الآخرة . مقال للباحث زهير الأعرجي .
[44]- الشيخ المفيد : المقنعة في الفقه / مخطوطة مصورة في مكتبتي الخاصة بالنجف الأشرف
[45]- د. صاحب محمد حسين نصار: جهود الشيخ المفيد الفقهية ومصادر استنباطه ص 141.
 
[46]- 124_ المحقق الحلي :شرائع الإسلام في مسائل الحلال والحرام.تقديم : السيد محمد تقي الحكيم /ط محققة أولى ، ص ي ، مطبعة الآداب النجف الأشرف 1969
عبد الله السبيتي : مقدمة الروضة البهية ج1ص ق
محمد مهدي الأصفى: تقديم الروضة البهيةج1ص 178
تراثنا : مجلة فصلية تصدرها مؤسسة إل البيت لإحياء التراث في قم المقدسة العدد الأول والثاني 85 و86 السنة الثانية والعشرون 1427 هجري محرم / جمادي الآخرة . مقال للباحث زهير الأعرجي .
[47]- عبد الله السبيتي : مقدمة الروضة البهية ج1ص ق
وليد عبد الحميد ألأسدي : مدرسة النجف وإبعادها العلمية والفكرية في العهد العثماني ، رسالة دكتوراه من معهد التاريخ العربي والتراث العلمي
 تراثنا : مجلة فصلية تصدرها مؤسسة إل البيت لإحياء التراث في قم المقدسة العدد الأول والثاني 85 و86 السنة الثانية والعشرون 1427 هجري محرم / جمادي الآخرة . مقال للباحث زهير الأعرجي .
*زين الدين الجبعي ألعاملي ( الشهيد الثاني ) : الروضة البهية ص ح وكتاب الصيد والذباحة 
[48]- محمد مهدي الأصفى: تقديم الروضة البهيةج1ص 178
وليد عبد الحميد ألأسدي : مدرسة النجف وإبعادها العلمية والفكرية في العهد العثماني ، رسالة دكتوراه من معهد التاريخ العربي والتراث العلمي
تراثنا : مجلة فصلية تصدرها مؤسسة إل البيت لإحياء التراث في قم المقدسة العدد الأول والثاني 85 و86 السنة الثانية والعشرون 1427 هجري محرم / جمادي الآخرة .  مقال للباحث زهير الأعرجي .
[49]- محمد مهدي الأصفى: تقديم الروضة البهيةج1ص 178- الدكتور عبد الهادي الحكيم : تحقيق(القواعد والفوائد) القسم الأول ص17
[50] - الدكتور عبد الهادي الحكيم : تحقيق(القواعد والفوائد) القسم الأول ص17 - محمد مهدي الأصفى: تقديم الروضة البهيةج1ص 178
[51]- الدكتور عبد الهادي الحكيم : تحقيق(القواعد والفوائد) القسم الأول ص17
[52]- م ن
[53]- و ليد عبد الحميد ألأسدي : مدرسة النجف وإبعادها العلمية والفكرية في العهد العثماني ، رسالة دكتوراه من معهد التاريخ العربي والتراث العلمي
*محمد بن مكي ألعاملي ( الشهيد الأول ) القواعد والفوائد _ تحقيق الدكتور عبد الهادي الحكيم
** زهير الأعرجي : تاريخ النظرية الفقهية في المدرسة الأمامية / مقال في دورية تراثنا ص 147 - نقلا عن كتاب ( نضد القواعد الفقهية )
[54]- زين الدين الجبعي ألعاملي : الروضة البهية ج1 ص 5
[55]- زين الدين الجبعي ألعاملي : الروضة البهية ج1 ص ح
 م . ن : كتاب الدين ص 343 وكذلك كتاب الحجر ص 391
[56]- تراثنا : مجلة فصلية تصدرها مؤسسة إل البيت لإحياء التراث في قم المقدسة العدد الأول والثاني 85 و86 السنة الثانية والعشرون 1427 هجري محرم / جمادي الآخرة . مقال للباحث زهير الأعرجي .
زين الدين الجبعي ألعاملي : الروضة البهية ج1 ص ح
[57]- الدكتور عبد الهادي الحكيم : تحقيق(القواعد والفوائد) القسم الأول ص17
محمد مهدي الأصفى: تقديم الروضة البهيةج1ص 178
[58]- م.ن
[59]- مؤسسة معارف الفقه الإسلامي : موسوعة الفقه الإسلامي طبقا لمذهب أهل البيت / الناشر مؤسسة دار المعارف 2002
[60] - في مكتبتي الخاصة في النجف الأشرف
[61]- محمد مهدي شمس الدين وآخرون: الاجتهاد والحياة ص 14 مركز الغدير للدراسات الإسلامية ، مطبعة فرو ردين ط 2 / 1997
[62]- إن ذلك يكمن في مواكبتنا ومعايشتنا للأحداث المعاصرة
 
 
امتیاز دهی
 
 

خانه | بازگشت | حريم خصوصي كاربران |
Guest (PortalGuest)

كنگره بين المللي شهيدين
مجری سایت : شرکت سیگما