0
كلمة العلاّمة المرجع السيّد محمد حسين فضل الله بخصوص مؤتمر الشهيدين

 قبيل عقد مؤتمر الشهيدين في مدينة قم قام وفد المؤتمر بزيارة إلى لبنان جال خلالها على بعض الشخصيات العلمائية، وكان من ضمن برنامج الزيارة لقاء مع سماحة العلاّمة المرجع السيد محمد حسين فضل الله(رحمه الله).

وفي اللقاء بسماحته قام رئيس الوفد سماحة حجة الإسلام والمسلمين الشيخ أحمد المبلغي بتقديم تقرير حول مؤتمر الشهيدين وحول برنامج تكريم الشخصيات العلمائية بشكل عام والتي ينهض بها المركز العالي للثقافة والعلوم الإسلامية، اعقب ذلك كلمة توجيهية وحوار طغت عليه الاجواء الحميمية.

ونظرا لأهمية كلمة سماحته، وعرفانا لجهوده في دعم الحركة العلمية ننشر نص الكلمة المرتجلة التي ألقاها على الوفد الزائر.

كلمة العلاّمة المرجع السيد محمد حسين فضل الله(رحمه الله).

 

اعتقد أن كل واحد من الشهيدين يحتاج منا إلى مؤتمر مستقل، لأنه عندما ندرس ما تركه الشهيد الثاني والشهيد الأول، وحركة الشهيد الثاني أوسع من حركة الشهيد الأول لأنه ذهب إلى مصر وكان يدرّس المذاهب في مدرسة بعلبك، وذهب إلى النجف أيضا، ويقال أنه صحح القبلة في مقام الإمام علي(ع).. الشهيد الثاني متنوع أكثر من الشهيد الأول، ولكن طبعا الشهيد الأول من الفقهاء الذين يتميزون بالدقة ويتميز بحركة الاجتهاد، حتى قيل أنّ آراءه الفقهية بعدد كتبه، بحيث انه كان يرى رأيا فقهيا في هذا الكتاب تم يتبدل رأيه بعد التفكير فيرى رأيا آخر في كتاب آخر، وهذا موجود عند العديد من علماءنا، أنا أذكر أنّ المرحوم محسن الحكيم لمدة ستين سنة وهو يرى نجاسة أهل الكتاب، ولكنّه في آخر حياته أفتى بطهارة أهل الكتاب؛ لأنه في رأيه يجوز الزواج من الكتابية، فكيف تكون نجسة ويجوز الزواج بها؟ ولذا أفتى بطهارة أهل الكتاب. السيد الحكيم رحمه الله كان يرى أنّ الطواف محصور بين مقام إبراهيم والكعبة على حسب المشهور.. ولكنّه عندما ذهب إلى الحج ورأى كثرة الناس تبدل رأيه وصار رأيه التوسّع في مسالة الطواف.

وكذلك السيد الخوئي رحمه الله عليه، فعندنا في رجال كامل الزيارات تسعمائة راوي وكانت فتاواه على أساس هؤلاء، ثم رأى بعد ذلك أن الوثاقة في الذين نقل عنهم صاحب كامل الزيارات وليس في كامل السلسة .

الشهيد الأول ينقل عنه انه كانت آراءه الفقهية بعدد كتبه، ولذلك أنا في تصوري انه في كل واحد منهم يستحق مؤتمر مستقلا، خصوصا وان احد أحفاد الشهيد الثاني قد كتب سيرة الشهيد الثاني وفيها أشياء كثيرة، كما أن الشهيد الثاني عنده موضوعات غير الموضوعات الفقهية مثل منية المريد وغيرها من الموضوعات، لذلك أنا أقول انه من الأفضل الفصل بينهما حتى نفهم شخصية الشهيد سواء الأول أو الثاني.

- ملاحظة بسيطة جدا وهو محاولة التصحيح؛ لأنّ الكثير من الكتب الآن مثلا تشتمل على روايات كثيرة مما لم يثبت لا سندها ولا متنها، بالخصوص في تفسير القرآن عندما يقرأ الإنسان مثلا البرهان في تفسير القرآن أو الصافي أو غيره يرى هذه الروايات ..أنا الآن مشغول بالطبعة الثالثة من تفسير "وحي القرآن" وأسباب النزول هناك روايات ليست موثوقة حتى التي سندها صحيح لكن متنها غير صحيح، وكثيرا ما يكون الهجوم على الشيعة من جهة هذه الروايات، وكذلك روايات الكافي في كتاب الحجة وما إلى ذلك.  وهذا مهم جدا أن تكون عندنا لجنة تحاول أن تدرس هذا الموضوع بعقلية معاصرة، أنا لا أقصد من معاصرة أن ننزل إلى ما عند العصر من أخطاء، لا بل قصدي العمل بالطريقة العلمية التحليلية، الآن في كثير من الحالات يمكن اللجوء إلى التحليل التاريخي، التحليل النقدي.. هذه المناهج الجديدة التي أصبحت في تحليل النصوص مهمة جدا لنستعملها في التحليل في بعض الموارد.

 الان هناك بعض العناوين التي يمكن أن نؤاخذ عليها في مسألة العقيدة، مثلا واسطة الفيض أوالولاية التكوينية .. أنا من خلال دراستي أجدها مخالفة للقرآن، كنت حضرت في مؤتمر للشيخ المفيد في قم قلت أن الولاية التكوينية مخالفة للقرآن، لأنه عندما ندرس القرآن في حديثه عن الأنبياء وعن النبي (ص)وآله وحديثه عن التوحيد مثلا ،نجد أنه...ثم أن ولاية الله ليست قاصرة، الولاية هي أمر تنفيذي لسد النقص، كل شيء خلقناه بقدر.. وما ورد من بعضهم في ان (..وقال الذي عنده علم من الكتاب) دليل على الولاية التكوينية! لا، ليس صحيحا. أنا الآن لست في مقام الحكم على الفكرة، فقد تكون صحيحة أو غير صحيحة، المسالة أننا يجب مناقشتها لنصل إلى أنها صحيحة أو غير صحيحة، الآن أصبح عندنا حالات غلو., نحن نحتاج إلى تأصيل عقيدة التوحيد، نحن نأخذ التوحيد من القرآن ومن سنة  النبي الصحيحة ومن أحاديث أئمة أهل البيت الذين هم حديثهم حديث رسول الله(ص)، نحتاج إلى أمور كثيرة في مسألة دراسة العقيدة، نحن كنا ندرس حياة الأئمة وشخصية اللائمة من "الوسائل"، لأن طريقة الأئمة في حياتهم الخاصة في علاقتهم بأصحابهم بالناس هذا أمر لم يدرس..أنا كان عندي في محاضرتي حول الشيخ المفيد مقارنة  في تصحيح الاعتقاد للشيخ المفيد ونقده للشيخ الصدوق..القدماء أكثر جرأة منّا، حتى أن الشيخ المفيد لا يتردد في انتقاد الشيخ الصدوق بقوة.

وأنا أقدر التطور الذي حصل في حوزة قم، وكنت أقول ذلك لإخواننا في النجف،  فالدراسات القرآنية أصبحت متقدمة؛ في كل جوانب القرآن ..في علوم القرآن، في تفسير القرآن أيضا. يلحظ هذا  أيضا في ذهنية بعض الطلاب وخصوصا الطلاب الإيرانيين وإن كان بعضهم يذهب إلى أقصى اليمين وبعضهم يذهب إلى أقصى اليسار، وهذا جيد على كلّ حال حتى وإن كان في مثل ما يذهب إليه  شبستري وغيره، فهذا يعطي فرصة لنقد بعض آرائهم، وهذا يؤكد حرية الفكر؛ حتى وإن كان هذا الفكر قد يناقش في هذا المجال.

على كل حال نحن نعتقد أن رعاية سماحة آية الله خامنئي لهذا المركز، مطمئن جدا، فهو رجل معاصر ورجل منفتح، وبالمناسبة فبيني وبينه صداقة قديمة جدا، ففي أيام السيد محمد هادي الميلاني جئت إلى مشهد وبقيت معه مدة سبعة أيام، وكنّا نذهب معا إلى درس السيد الميلاني في مسجد كوهر شاد، ولولا موقع الولاية لكان يعطي أكثر.

أنا اعتقد بأننا نستفيد من حوزة قم في تطورها وتنوعها، و في هذا اللون الذي كان يبشر به الإمام الخميني(رض) من التعاون بين الحوزة والجامعة، وهذا مهم جدا.

- يجب الاهتمام أيضا حتى بالمتأخرين من الفقهاء، عندنا ثلاثة أشخاص من علمائنا؛ الشيخ محمد جواد مغنية وهو متنوع الأفكار ، الشيخ عبد الله نعمة، والسيد هاشم معروف الحسيني وهو مجدد وشجاع في نقده وتحليله التاريخي، ولهم كتب، وأنا أرى أنّ دراسة آثارهم وكتبهم مهم جدا.

- يعلق السيد فضل الله على كتاب منية لمريد ويقول: كتاب مهم ويحتاج إلى تحليل عصري في نظريات التربية.

- يعلق على كتاب "جامع البين في فوائد الشرحين" للشهيد الأول والذي عثر عليه، ويقول: لم يعرف الاختصاص الأصولي بالنسبة للشهيدين، وعلى ذكر الأصول أقول: يجب أن نرجع إلى أصول القدماء مع دقة أصول المحدثين، لأنّ الموضوعات التي يبحثها الأصوليون الآن قد نطرح ثلثيها، لأن لا ثمرة عملية فيها..فبحث المشتق هو بحث لغوي مثلا، وكذلك مقدمات صاحب الكفاية كبحث الشرط المتأخر وحتى اجتماع الأمر والنهي، ومسالة الجنس والفصل ..رحمة الله على السيد عبد الأعلى السبزواري فقد كتب مهذب الأصول و اختصر الكثير، لكننا نحتاج إلى شيء أدق من ذلك، وقد سمعت أنّ بعض الأساتذة في قم قضى ستة أشهر في تدريس المعنى الحرفي، المعنى الحرفي معنى لغوي يعني أنه يٌبحث في قواعد اللغة العربية ولا ُيبحث بهذ الشكل وبكل هذه الدقة فذلك مضيعة للعمر. وكذلك الشأن بالنسبة للفلسفة عند الملا صدرا، فالأسفار كتاب فلسفي عميق مهم لكن الفلسفة الحديثة تختلف، نحن الآن بحاجة إلى قراءة الفلسفة الحديثة؛ الفلسفة الغربية مثلا في هذا المجال لأن هذا هو الموجود في حركة الفلسفة الواقعية، تلك فلسفة تجريدية، ولذا بعض الماركسيين يقول: إن الفلسفة لا تحل المشاكل وإنّما هي تصور الواقع.

نحن نعتمد على الجمهورية الإسلامية في إيران وخصوصا على التطور الذي حدث في الحوزة ، نأمل أن تأخذ بهذه الأمور وتدخل العصر إن شاء الله من الباب الواسع، فنحن باعتبار كوننا دعاة إلى الله وأن رسالتنا للناس كافة نحتاج أن ندخل العالم المعاصر، والرسول (ص) يقول: "نحن معاشر الأنبياء أمرنا أن نكلم الناس على حسب عقولهم"، أنا أقول دائما أن الإنسان الداعية يجب أن يكون لديه حسّ المعاصرة، بحيث يفهم العصر وأساليبه وطريقته، بحيث عندما نخاطب الأوروبي يجب أن نخاطبه بعلقيته وكذلك حين نخاطب الامريكي، وليس بذهنيتنا. 

وختم اللقاء بقوله معكم معكم لا مع عدوكم، وتمنى للوفد منتهى النجاح والتوفيق.                    

 
امتیاز دهی
 
 

خانه | بازگشت | حريم خصوصي كاربران |
Guest (PortalGuest)

كنگره بين المللي شهيدين
مجری سایت : شرکت سیگما