حوار مع مدير مركز إحياء التراث الإسلامي



  حوار  مع مدير مركز إحياء التراث الإسلامي

        الأستاذ شوقي شالباف

يعتبر مشروع إحياء التراث من المشاريع الحيوية على الصعيدين الثقافي والتاريخي، فتراث كلّ أمة هو خزّانها الوجودي وهو صورتها الخفيّوالجليّة، والعلاقة بالتراث سلبا أو إيجابا تتحدّد على ضوءه مصائر الأمم، وتحسم على أساسه معادلة النهضة والتنمية.

في هذا الحوار نستطلع واقع أحد المراكز المشتغلة على التراث؛ وهو مركز إحياء التراث الاسلامي في مدينة قم.





س- لو تفضلتم نريد أن تعطونا فكرة عن مركز إحياء التراث الإسلامي بقم؟

تأسس مركز إحياء التراث الإسلامي في صيف 1985م كمركز صغير غير متشعب قائم على وحدة معرفية متخصصة في تحقيق الكتب الفقهية، ومع تصادف وجود كمّ من النسخ الخطية وبالنظر إلى حاجة الحوزة العلمية إليها دخل المركز في عملية تطوير متواصلة، وذلك من سنة 1985 م إلى سنة 2000 حيث أصبح للمركز ثلاث أقسام تخصصية.

وعمل المركز يتوزع على مستويين اثنين:

- تحقيق آثار علماء الإسلام في مختلف حقول المعرفة الدينية.

- جمع آثار الفقهاء المتقدمين والمتأخرين في إطار موسوعة تحت عنوان "المجموعة الكاملة".

وقد أنتج المركز- حتى لآن- ما يزيد عن مائة عنوان في مختلف مجالات المعرفة من فقه وأخلاق وفلسفة وعرفان ..الخ

 

س- بعد تحملكم مسؤولية إدارة مركز إحياء التراث، ما هي أهم الخطوات التي أقدمتم عليها؟

ج- عندما تحملت المسؤولية في إدارة المركز قبل حوالي سنة من الآن، سعيت أن أساير التطور الذي عرفه المركز تحت الإدارة السابقة، وكان عليّ أن اعمل على استكمال خطط التوسعة بما يتناسب وحجم الآفاق التي انفتحت أمام المركز من جهة ، وبما يتلاءم والخبرة العلمية التي راكمها، فعملت على تأسيس أقسام أخرى كقسم الحقوق، وعلوم القرآن، والحديث، وتاريخ الإسلام، وسيرة الأئمة عليهم السلام، ومن الأقسام التي استحدثت قسم التحقيق ودفع الشبهات المعاصرة، وفي ذلك استجابة لحاجات الحوزة على هذا الصعيد.

وكانت أول مبادرة تتمثل في مشروع تحقيقي يهتم بالشعائر الحسينية لإحساسنا بأن هذا الموضوع دخل دائرة الجدل، فقمنا بتجميع كل ما كتب  حول الشعائر والآداب الحسينية وشرعنا في تحقيقه وأنجزنا إلى الآن 30 في المائة مما بين أيدينا من المصنفات والمؤلفات والرسائل والفصول الموزعة والمتناثرة في الكتب.

وهذا في تقديرنا سيساعد الحوزة على مواجهة موجة التشكيك في المراسيم الحسينية .

س- وماذا عن مشاريعكم الموسوعية والتي أضحت علامة خاصة بمركزكم؟

ج- المركز أصدر حتى الآن أكثر من مائة عنوان لكتب فقهية بعضها على شكل موسوعات؛ وهي عملية علمية تحقيقية تقوم على جمع آثار الشخصيات التي تتميز بالإضافة إلى مكانتها العلمية وتصنيفاتها بدورها الحضاري وإسهاماتها  في تطوير المعارف الإسلامية. وقد أصدر المركز الموسوعة الأولى وهي موسوعة العلاّمة الإمام عبد الحسين شرف الدين العاملي و تقع في 10مجلدات، وبعدها أصدرنا موسوعة العلاّمة البلاغي في 8 مجلدات، ثم موسوعة الشهيدين؛ موسوعة محمّد بن مكّي العاملي الجَزيني المعروف بالشهيد الأول في 20 مجلدا وقد عرضت الموسوعة على هامش مهرجان تكريمي عقد في قم قبل حوالي سنتين، ثم موسوعة زين الدين عليّ بن أحمد الجُبَعي العاملي المعروف بالشهيد الثاني في 30 مجلدا.

 س- هل هناك ميزة في تحقيقكم لهاتين الموسوعتين؟

ج- أولا هناك المكانة العلمية للشهيدين في العالم الإسلامي، وغير خفي أنهما لعبا أدوارا متقدمة على صعيد التقريب المذهبي والترسيخ لقيّم التعايش والانفتاح بين المذاهب الإسلامية. ثانيا أنّ ما يميّز هذا العمل الموسوعي أنه جاء جامعا لكل الآثار حيث ثم العثور على بعض هذه الآثار التي لم تكن معروفة من قبل، وثالثا فإن القيمة الأخرى في هذا العمل الموسوعي هو أنّ آثارا كانت مشهورة النسبة إلى الشهيد الأول والثاني وأثناء التحقيق تبيّن أنّ هذه النسبة ليست دقيقة وقد اشرنا إلى ذلك في مدخل كل موسوعة على حدة، ونحن نشعر بالفخر لهذا الانجاز الموسوعي الكبير الذي يحوي آثار قامتين شامختين في تاريخنا الإسلامي . فبرغم الفاصل الزمني بينهما –حوالي قرنين من الزمان- تشابهت حياتهما العلمية والجهادية، ولم يجد الشهيد الثاني ضيرا في أن يعتبر نفسه تلميذا للشهيد الأوّل وامتدادا لحركته العلمية ونزعته الوحدوية.

وتحت رعاية مركز العالمي للعلوم والثقافة المركزية سينظم مؤتمر الشهيدين في بيروت والذي سيخصص لتكريم شخصية الشهيد الثاني والبحث في تراثه .

س- ما هي مشاريعكم المستقبلية ؟

ج- آما فيما يخص المشاريع المستقبلية فنحن عازمون على الاستمرار في جمع ونشر الموسوعات الخاصة بالشخصيات العلمية بمعزل عن جنسياتها، لأن المعيار في عملنا هو أن يكون العالم صاحب مصنفات وان يكون صاحب دور بارز على الصعيد الإسلامي العام. والآن عندنا مشروع جمع أعمال العلامة حسين آل كاشف الغطاء حيث ثم انجاز 70 في المائة من موسوعته، فما يقارب 20 مجلدا تحت الطبع، ومن المقرر أن تصل الموسوعة إلى 50 مجلدا، وهي جامعة لكل كتبه في الفقه والأصول والكلام، واشتملت أيضا على خطبه و أشعاره وأدبه، وبالمناسبة لا ننسى هنا التنويه بابنه البار سماحة الشيخ شريف أل كاشف الغطاء على العون الذي قدّمه لنا.

وعندنا مشروع الشيخ محمّد بن الشيخ حسين بن عبد الصمد الجبعي العاملي، المعروف بالشيخ البهائي المتبحر في أكثر من مجال علمي كالرياضيات والهندسة وقد جمعنا ما يعادل 23 مجلدا، 12 منها جاهز للطباعة..وخلال عام سيعقد مؤتمر لهذا العالم الكبير.

سنعمل أيضا على آثار العلاّمة محسن الأمين والميرزا القمّي والسيد المرتضى علم الهدى.

وحسب مخطط العمل سيطبع في بحر العامين القادمين حوالي 40عنوانا..وهذا العمل الذي يقوم به مركزنا له دور مهم في دعم مسيرة الحوزة على مستوى العالم الإسلامي، فتحقيق الآثار والتثبت من صحة نسبتها وجمعها في مشروع موسوعة كل ذلك يسهم في دعم الحوزات ويتكامل مع وظيفتها العلمية.

س- يوجد في العالم الإسلامي مراكز عدة لإحياء التراث الإسلامي..هل لديكم علاقات مع هذه المراكز أو غيرها من المؤسسات والمراكز العلمية الإسلامية؟

ج- عندنا طموح لفتح قنوات اتصال مع المؤسسات العلمية الدينية في العالم الإسلامي، وبخاصة المؤسسات ذات الاهتمام المشترك، فمركزنا هو مركز لإحياء التراث الإسلامي بشكل عام، ونحن بحاجة إلى هذا الانفتاح لتبادل الخبرات ولجعل المراكز والمؤسسات الدينية في العالم الإسلامي تستفيد من عملنا وإصداراتنا، كم لنا الرغبة في الإفادة من خبرات وتجارب المؤسسات التي تشتعل في مجال إحياء التراث.

والعالم اليوم يوفّر سبل ميسّرة للتواصل، ورهاننا أن نوفق لمدّ دائرة علاقاتنا إلى أوسع نقطة ممكنة في العالم الإسلامي، ونطمع في أن نتعاون على صعيد بعض المشاريع المشتركة مع مؤسسات في العالم الإسلامي، فنحن منفتحون ولا يغيب علينا أن عملنا هو في خدمة الإسلام ونشر معارفه وحفظ تراثه، وتوجيهات سماحة قائد الثورة الإسلامية آية الله السيد علي الخامئي ترسم وتؤكد باستمرار على هذه الخطوط العامة في التعاون والتنسيق والانفتاح على كل المؤسسات الإسلامية عبر العالم خدمة للإسلام وقضاياه وتجسيدا لمفهوم الأمة الواحدة ذات المصير الواحد والوظيفة الحضارية الكبرى، وصاحبة الأدوار الرسالية على صعيد المجتمع الإنساني قاطبة.


 
امتیاز دهی
 
 

خانه | بازگشت | حريم خصوصي كاربران |
Guest (PortalGuest)

كنگره بين المللي شهيدين
مجری سایت : شرکت سیگما