لقاء إعلامي مع الشيخ حسن بغدادي رئيس اللجنة العلمية لمؤتمر الشهيدين في بيروت



 في لقاء إعلامي رعاه مدير مركز إحياء التراث الإسلامي الأستاذ شوقي شالباف وحضره الشيخ حسن بغدادي رئيس اللجنة العلمية لمؤتمر الشهيدين في بيروت، تقدم الشيخ بغدادي بجملة من الايضاحات بخصوص مؤتمر الشهيدين، وبعد كلمة عرض فيها لأهمية الشهيدين وموقعهما الفقهي المميز ودورهما القريبي بين المذاهب الإسلامية أجاب سماحته على أسئلة ممثلي بعض الوكالات الإخبارية.

 

الكلمة الافتتاحية للشيخ حسن بغدادي:

لقد سبق وان أقيمت العديد من المؤتمرات العلمية حول الشهيدين، لكن ميزة مؤتمر الشهيدين في دورته الأولى المنعقدة بمدينة قم المقدسة، ومؤتمر بيروت القادم؛ تكمن في تحقيق آثار الشهيدين من خلال موسوعتين؛ موسوعة الشهيد الأول وموسوعة الشهيد الثاني، إذا نحن أمام آثار جمعت في خمسين مجلدا.

ونتوقع لمؤتمر بيروت حول الشهيدين والذي سيعقد بتاريخ30 أيار 2011م؛ الموافق 9خرداد1390هـ-ش؛ أن يكون له صدى أكبر من لبنان، وان تتحقق منه الرهانات في تقديم صورة وافية عن علمين من رموز الوحدة الإسلامية والتعايش الإسلامي في أبعاده العلمية والعملية.

سيحضر المؤتمر باحثون من بلدان اسلامية مختلفة، من ماليزيا والجزائر وسوريا والبحرين وإيران ومصر والعراق..

الملاحظ أنه وبرغم الفاصلة الزمنية بين الشهيد الأول الشيخ محمّد بن مكّي جمال الدين العاملي الجزِّينيّ  (734هـ-786هـ)  والشهيد الثاني الشيخ زين الدين عليّ بن أحمد الجُبَعي العاملي (911هـ-965 هـ)، فقد كانت لهما نفس الذهنية ونفس الخصائص القيادية، فنحن وقفنا تاريخيا على حوزات كانت تموت بموت العالم المؤسس لها، أما الشهيد الأول فقد عمل لكي تتحول جزين وجبل عامل إلى حاضرة علمية يُكتب لها الاستمرار، وهو نفس الدور الذي نهض به الشهيد الثاني من بعده برغم الفاصلة الزمنية.

وهذا الدور استجلب معاناة حقيقية؛ فرجل كالشهيد الأول اضطر ان يتكتم على هويته المذهبية بحكم الاجواء غير المتسامحة السائدة آنذاك؛ لم يكن يظهر أنه شيعي وكان الاعتقاد السائد أنه مالكي، وهو كان يعرف المذاهب السنية الإسلامية أكثر مما يعرفها أهل السنة؛ كان مطلعا على مبانيهم ومناهجهم.. لذلك هم كانوا يعتقدون تماما انه من علماء أهل السنة لسعة إطلاعه على تلكمُ المذاهب. قيمة هذ العالم أنه رفض الذهاب إلى خراسان حيث الأمان والطمأنينة، لأنه كان يعتقد أن المنطقة في لبنان هي أهم لمشروعه من السفر لخراسان على المستوى الاستراتجي..فكتب لهم اللمعة الدمشقية، وهنا أريد أن أشير إلى خطأ شائع ، هناك اعتقاد بأنه كتب اللمعة الدمشقية في السجن، وهذا غير صحيح.لأنّه كتبها في البيت، وهو نفسه يقول: كتبتها في إجازتي لابن الحائري وانتهيت منها في تاريخ كذا ويحدد التاريخ، وكان ذلك قبل شهادته بأربع سنوات، ثم أن الشواهد التاريخية تؤكد أنّ حواره مع ابن المؤيد لم يتم في السجن بل في بيته.

المهم.. هذا العالم الفقيه يكتب رسالة عملية في الفقه وليس معه مصادر إلا كتاب اسمه "المختصر النافع" للعلامة الحلي. وهذا يدل على أن كل الفقه مستوعب في عقله وقلبه، هو متمكن من الفقه كلّ الفقه على طبق كل المذاهب، هذا إنسان استثنائي على الإطلاق.

الشهيد الثاني سار على نفس الطريق، فالصفويون في إيران عملوا المستحيل لكي يسافر إليهم لكنه رفض، وعندما استشهد قامت قيامتهم، وحين وفد إليهم الشيخ حسين عبد الصمد إلى إيران عُيّن بمرتبة "شيخ الإسلام" في قزوين التي كانت عاصمة للدولة الصفوية؛  لا لشيء إلا لأنه تلميذ الشهيد الثاني، بل أكثر من ذلك أيّما شيخ كان يقدم إلى إيران وكانت تثبت له صلة ما بالشهيد الثاني أو ينسب إلى بلدته كان يكرّم غاية التكريم.

هذا هو الشهيد الثاني؛ رفض السفر إلى إيران لأنه كان يريد أن ينأى بنفسه عن تلك الحساسية التي كانت سائدة في العهد الصفوي فيما بين الصفويين والعثمانيين، وذلك حتى يقوم بنفس الدور الذي قام به الشهيد الأول من رعاية للحركة العلمية في جبل عامل وبناء التواصل من خلال الفقه المقارن مع علماء أهل السنة، وتدعيم حركة الوحدة الإسلامية، وكان مستعدا للموت لأجل كلّ ذلك، وهكذا كان حين قُـتل لأجل هذا المشروع، وإلا كيف يترك جبع بلدته ويرفض السفر إلى إيران ليذهب إلى بعلبك ومعظم ساكنتها كانوا من السنة آنذاك، وإنما فعل ذلك ليقوم بهذا الدور، ولينشّط الفقه المقارن مع علماء أهل السنة المرتبطين بالسلطة السياسية، ومن خلال تدريسه وإفتاءه على وفق المذاهب الإسلامية حتى نقل عنه تلميذه ابن العودي قوله:"لقد أصبحنا مرجعا وملاذا للأنام فنفتي لكل واحد على طبق مذهبه".

هذان هما الشهيدان الأول والثاني؛ عقلية قيادية تزهد في الأمور الخاصة من أجل القضايا العامة، وتغلّّب المصلحة العامة على المصلحة الخاصة.. هكذا كان نهجهما حتى استشهادهما رضوان اله تعالى عليهما.

 

حوار على هامش الجلسة:

 

س- هل كان للشهيدين طموحات أكبر من الطموح العلمي والمتمثل في تحويل منطقة جبل عامل إلى حاضرة علمية؟

ج - لا..الشهيد الأول حين بنى جبل عامل العلمي لم يفكر لحظة أن يفصله عن محيطه العربي والإسلامي، لذلك تجده حين عودته من الحلّة وقبل ذهابه إلى جبل عامل، ذهب إلى زيارة عواصم العالم الإسلامي ليلتقي بعلماء المذاهب الإسلامية، ولماذا يلتقي بهم؟ ليبني مشروع الثقة البعيدة كل البعد عن المجاملة، ثم بعد ذلك عاد إلى جبل عامل ليؤسس النهضة العلمية والفكرية والثقافية، ثم سافر منها -أي من منطقة جبل عامل- إلى دمشق ليكون له سكن في منطقة دمشق حتى يربط جبل عامل بمحيطه؛ لأن دمشق كانت تشكل العنوان العلمي في تلك المرحلة فضلا على أنها قلب الشام التي تضم فلسطين والأردن ، وهكذا بدأ يتردد بين دمشق وجزين وذلك حتى لا يتهم بأنه يريد أن يبني منظومة معزولة عن محيطها.

س- باعتباركم رئيس اللجنة العلمية للمؤتمر..ماذا عن البرنامج والتحضيرات؟

 ج- توصلت هيأة المؤتمر بحوالي 53 مقالة، وقد تقرر أن تكون كلمة افتتاح المؤتمر للأستاذ نبيه بري رئيس البرلمان اللبناني، الذي اسندت إليه رعاية المؤتمر. وقد برمجت 8 ورقات في يوم الافتتاح.. وستكون هناك في يوم الافتتاح كلمة أيضا للشيخ قبلان عن المجلس الشيعي الأعلى وكلمة مفتي الجمهورية الشيخ رشيد قباني، وكلمة الجهة الداعية للمؤتمر، وكلمات لشخصيات أخرى.

وسيدوم المؤتمر لمدة أربعة أيام ، يومان في بيروت لعرض الأوراق والتباحث فيها، ويوم في بلدة جبع للتعرف على آثار مرتبطة بالشهيد الثاني، واليوم الرابع في البقاع بلعبك حيث المدرسة النورية للشهيد الثاني، كما يشتمل البرنامج على زيارة قبر نبي الله شيت، وضريح الأمين العام السابق لحزب الله الشهيد السيد عباس الموسوي. وطبعا سيتواصل الجانب العلمي للمؤتمر.

اما عن الاوراق التي قدمت للمؤتمر فهي تتوزع على 7 محاور:

- السيرة الذاتية.

- الوحدة الإسلامية.

- المنهج التربوي والأخلاقي.

- المصطلحات والابداعات.

- دراسات في الفقه.

- آراءه الكلامية (علم الكلام).

- أسباب الشهادة.

س- ما هي في تقديركم الإضافة النوعية في هذا المؤتمر؟

ج- المهم في هذا المؤتمر هو عرض آثار الشهيد الثاني؛ موسوعة الشهيد الثاني وهي تقع في 30 مجلدا.

حينما نقيم مؤتمرا ويستثمر ذلك إعلاميا فإننا نستطيع أن نعرّف بعلمائنا ومكانتهم العلمية المرموقة.

وبكلمة فالهدف من المؤتمر  هو جمع آثار الشهيدين، والمسألة الثانية أن نبرز أدوار هؤلاء العلماء الطليعيين لأوسع دائرة ممكنة، ونعرّف بمقامهم العلمي، وحتى لا تبقى معرفة هؤلاء الأعلام محصورة في دائرة ضيقة من المختصين.

س- سبق وعقد مؤتمر الشهيدين في دورته الأولى قبل أكثر من سنة في قم، ماذا تمخض من نتائج عن ذلك المؤتمر؟

ج- في تقديري هناك قواسم مشتركة بين المؤتمر الذي انعقد في قم وبين المؤتمر المزمع عقده في بيروت، القواسم المشتركة هي في الآثار التي طبعت؛ آثار الشهيد الأول وآثار الشهيد الثاني، والمقالات العلمية والفكرية والتعريف بالشهيدين، لكن يبقى فرقٌ بين المؤتمرين في تقديري، فمؤتمر قم لم يتعرض كثيرا للمشروع السياسي والوحدوي الذي هو أساس مشروع الشهيدين، لم يكن معتمدا بشكل أساسي، لعل سبب ذلك أن المؤتمر عقد في قم فغلب الطابع العلمي الدقيق على فعاليات المؤتمر ، نحن نريد في مؤتمر بيروت أن نعطي بُعدا سياسيا أكبر وبُعدا إعلاميا أوسع وبُعدا وحدويا أعمق، ولبنان يساعد على تحقيق هذه الأبعاد، لأن لبنان وكما هو معروف بلد متنوع طائفيا ومذهبيا.

  س- هل تتوقعون تحقيق هذه الاهداف التي اشرتم إليها في هذا المؤتمر؟

على كلّ نحن نسعى ونستفرغ الوسع وليسا علينا إلا العمل، عقد المؤتمر في حد نفسه إنجاز وخطوة مهمة، وعرض آثار الشهيدين قيمة مضافة في المؤتمر، المهم ان يُعمل عليه إعلاميا بشكل جيّد ومهني..ولن نعدم النجاح بإذن الله ومن الله سبحانه نستمد العون وهو وليّ كل توفيق.

           


 
امتیاز دهی
 
 

خانه | بازگشت | حريم خصوصي كاربران |
Guest (PortalGuest)

كنگره بين المللي شهيدين
مجری سایت : شرکت سیگما